ج ٥، ص : ٣٧٢
الرجيم دون غيره لما ذكرنا من الأحاديث - وأخرج الثعلبي والواحدي عن ابن مسعود قال قرات على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقلت أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم قال قل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هكذا أقرأنيه جبرئيل عن القلم عن اللوح المحفوظ - قال أبو عمرو الداني فى التيسير بهذا اللفظ بعينه قرات وبه أخذ ولا اعلم خلافا بين أهل الأداء فى الجهر بها عند افتتاح القرآن (يعنى خارج الصلاة) وعند الابتداء برءوس الاجزاء وغيرها فى مذهب الجماعة اتباعا بالنص واقتداء بالسنة وكذلك الرواية عن أبى عمرو (يعنى ابن العلاء) وروى عن حمزة انه كان يجهر بها فى أم القرآن خاصة ويخفيها بعد ذلك فى سائر القرآن كذا قال خلف عنه وقال خلاد عنه انه كان يخيّر الجهر والإخفاء جميعا والباقون لم يأت عنهم فى ذلك شيء منصوص -.
إِنَّهُ أى الشأن لَيْسَ لَهُ أى للشيطان سُلْطانٌ أى تسلط واستيلاء عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩) فانهم لا يطيعون أوامره بحفظ اللّه تعالى ولا يقبلون وساوسه الا فيما يحتقرون على ندور وغفلة - ولذلك أمروا بالاستعاذة فذكر السلطنة بعد الأمر بالاستعاذة لئلا يتوهم منه ان له سلطانا كذا قال البيضاوي - قلت وجاز ان يكون هذه الآية فى مقام التعليل للامر بالاستعاذة - لأن معنى قوله عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ انهم يلتجئون إلى اللّه تعالى ويحرزون أنفسهم بعزة اللّه تعالى من تسلط الشيطان إذ لا حول ولا قوة الا به تعالى وذلك معنى الاستعاذة - فالاستعاذة وهو الالتجاء إلى اللّه تعالى والاعتماد عليه من صفات قلوب المؤمنين المخلصين لا ينفك عنهم لكنهم أمروا بالاستعاذة باللسان أيضا حتّى يتادى سنة الدعاء ويطابق الباطن الظاهر فى التضرع والابتهال فيحصل الامان من الشيطان على وجه الكمال.
إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ أى يحبونه ويطيعونه فيجعلونه مسلطا على أنفسهم باختيارهم من غير ان يكون له عليهم سلطان يضطرهم إلى اتباعه فلا منافاة بين هذا وبين قوله ما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ واللّه اعلم وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ أى بالله تعالى أو بسبب