ج ٥، ص : ٣٨٣
من بعد ما فتنوا بفتح الفاء والتاء على البناء للفاعل يعنى هاجروا بعد ما كفروا وعذبوا المؤمنين نزلت فى عامر الحضرمي اكره مولاه جبرا وعذبه حتّى ارتد ثم اسلم عامر وحسن إسلامه واسلم جبر حيث كان ارتداده مكرها وهاجروا جميعا ثم جاهدوا الكفار مع النبي صلى اللّه عليه وسلم وصبروا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها أى بعد الهجرة والجهاد والصبر لَغَفُورٌ لما فعلوا قبل ذلك رَحِيمٌ (١١٠) ينعم عليهم فى الدنيا والاخرة على ما صنعوا بعد ذلك خبر انّ الاولى محذوف دل عليه خبر انّ الثانية أو يقال إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها تأكيد لفظى لما سبق.
يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ منصوب برحيم أو با ذكر تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها يعنى تسعى كل نفس فى خلاصها لا يهمها شأن غيرها فالكافر يقول رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا... رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا... وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ... فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً والمؤمن يقول رب أسئلك نفسى نفسى لا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ - أخرج ابن جرير فى تفسيره عن معاذ قال سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من اين يجاء بجهنم يوم القيامة قال يجاء بها من الأرض السابعة لها الف زمام لكل زمام سبعون الف ملك تسبح فإذا كانت من العباد مسيرة الف سنة زفرت زفرة فلا يبقى ملك مقرب ولا نبى مرسل الا جثى على ركبتيه يقول رب نفسى نفسى - وقال البغوي وروى ان عمر بن الخطاب قال لكعب الاخبار خوّفنا قال يا أمير المؤمنين والّذي نفسى بيده لو وافيت القيامة بمثل عمل سبعين نبيا لاتت عليك تارات وأنت لا يهمك الا نفسك وان لجهنم زفرة ما يبقى ملك مقرب ولا نبى منتخب الا وقع جاثيا على ركبتيه حتّى ابراهيم خليل الرّحمن يقول يا رب لا أسئلك الا نفسى وتصديق ذلك فى الّذي انزل اللّه عليكم يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها - وروى عكرمة عن ابن عباس فى هذه الآية قال ما نزال الخصومة بين الناس يوم القيامة حتّى يخاصم الروح الجسد فيقول الروح يا رب لم يكن لى يد ابطش بها ولا رجل امشى بها ولا عين ابصر بها ويقول الجسد خلقتنى كالخشب ليس لى يد ابطش بها ولا رجل امشى بها ولا عين ابصر بها فجاء هذا كشعاع النور فيه نطق لسانى وأبصرت عينى ومشت رجلى قال فضرب اللّه لهما مثل أعمى ومقعد دخلا حائطا فيه ثمار فالاعمى


الصفحة التالية
Icon