ج ٥، ص : ٣٨٥
والصبيان فاذن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم للناس بحمل الطعام إليهم وهم بعد مشركون - قلت السورة مكية وانما أذاق اللّه أهل مكة الجوع إذا قحطوا سبع سنين والخوف من سرايا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعد الهجرة فاما ان يقال بنزول هذه الآيات بعد الهجرة واما ان يقال بالتوجيه الأول يعنى ان المراد قرية غير مكة ضربها اللّه مثلا لاهل مكة انذارا لاهلها من مثل عاقبتها فلما لم يعتبروا به ولم يسمعوا ما ضرب اللّه لهم من المثل عوقبوا بمثل ما عوقب به أولئك.
وَلَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ يعنى محمّدا صلى اللّه عليه وسلم والضمير لاهل مكة عاد إلى ذكرهم يعد ما ذكر مثلهم فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ وَهُمْ ظالِمُونَ (١١٣) أى حال التيامهم بالظلم والمراد بالعذاب ما أصابهم من الجدب الشديد أو وقعة بدر وهذه الآية أيضا تدل على كون نزولها بعد الهجرة - ويمكن ان يقال ان قوله وَلَقَدْ « ١ » جاءَهُمْ فى محل النصب على الحال من فاعل كفرت أو مستأنفة لبيان حال تلك القرية الّتي ضرب بها المثل والمراد بالرسول الرسول المبعوث إلى تلك القرية -.
فَكُلُوا أيها المؤمنون الذين أنجاهم اللّه من الكفر وهداهم للايمان بمحمّد صلى اللّه عليه وسلم مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّباً وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ يعنى نبوة محمّد صلى اللّه عليه وسلم وما أنعم عليهم فى الدنيا إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (١١٤) دون غيره - امر اللّه سبحانه بأكل ما أحل اللّه سبحانه وشكر ما أنعم اللّه عليهم بعد ما زجر وهدّد على الكفر وذكر من التمثيل والعذاب الّذي حلّ بكفار قومهم صدّا لهم عن صنيع الجاهلية ومذاهبها الفاسدة وقيل المخاطبون بهذا الكلام هم المخاطبون بما سبق أمرهم يأكل ما أحل لهم وشكر ما أنعم عليهم بعد ما زجرهم عن الكفر وهدّدهم عليه والمعنى ان كنتم إياه تعبدون فى زعمكم كانوا يزعمون انا نعبد اللّه وحده والأصنام شفعاؤنا عند اللّه.
إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٥) وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ أى السنة قومكم من الكفار
_________
(١) وفى الأصل ولقد جاءت -