ج ٥، ص : ٣٨٨
ولكن أراد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ان يعطيه اللّه تعالى استقرار ذلك المقام علاوة على مقامه - ولمّا لم يتصور ذلك لما ذكرنا من المحبوبية أعطاه اللّه ذلك المقام بان اعطى لفرد من افراد أمته بطفيل اتباعه وهو المجدد للالف الثاني الشيخ أحمد السرهندى قدسنا اللّه تعالى بسره - وذلك ان كل كمال للتابع فهو كمال لمتبوعه لأنه كالجزء من كماله وحاصل بمتابعته فالله سبحانه أجاب دعوته صلى اللّه عليه وسلم بعد الف سنة من هجرته حتّى تم دولته وسلطانه كما يتم دولة السلاطين بفتح بعض امرائه القلاع المغلقة بسطوته وقهرمانه صلى اللّه تعالى عليه وآله واتباعه كما صلى على ابراهيم واله واتباعه - وقيل هى اللسان الصدق والثناء الحسن فان جميع أهل الأديان يثنون عليه - وقال مقاتل بن حبان يعنى الصلاة عليه فى قول هذه الامة اللهم صل على محمّد وال محمّد كما صليت على ابراهيم وقيل أولادا أبرارا على الكبر وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٢٢) أى من الأنبياء المعصومين فان كمال الصلاح بالعصمة ومقتضى العصمة فى الاخرة بقاء ثواب كل حسنة بلا احتمال حبط شيء منها وذلك مختص بالمعصومين فان من عمل سيئة صغيرة أو كبيرة يحتمل ذهاب بعض حسناته فى مقابلة تلك السيئة فى الميزان ان لم يتداركه رحمة اللّه ومغفرته كانّ هذه الآية بيان لاستجابة دعوته حيث قال أَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ -.
ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ يا محمّد أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً فى التوحيد والدعوة إلى اللّه بالرفق وإيراد الدلائل مرة بعد اخرى والمجادلة مع كل أحد على حسب فهمه وفى التوجه إلى قبلته فى الصلاة والتشرع بشرائع دينه وهذه الجملة من تتمة ما أنعم اللّه على ابراهيم على قنوته وشكره على ما أنعم اللّه عليه - وفى كلمة ثم تعظيم لمنزلة نبينا صلى اللّه عليه وسلم وإجلال محله والإيذان بان اشرف ما اوتى خليل اللّه من الكرامة اتباع رسولنا ملته صلى اللّه عليهما وسلم (فائدة) امر اللّه تعالى رسولنا صلى اللّه عليه وسلم باتباع ملة ابراهيم عليه السلام لأن نبينا صلى اللّه عليه وسلم كان شائقا لمرتبة الخلة وكان كثير المحبة به عليه السلام يدل عليه قوله تعالى قَدْ نَرى


الصفحة التالية
Icon