ج ٥، ص : ٤٠١
لا يبدل القول لدىّ كما فرضت عليك فى أم الكتاب فكل حسنة بعشر أمثالها فهى خمسون فى أم الكتاب وهى خمس عليك - فقال موسى ارجع إلى ربك فسئله فليخفف عنك أيضا قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم واللّه « ١ » قد استحييت من ربى فيما اختلفت عليه - قال فاهبط بسم اللّه فاستيقظ وهو فى المسجد الحرام - وروى مسلم هذا الحديث مختصرا فان قوله فاستيقظ وهو فى المسجد الحرام يدل على كونه رؤيا فى المنام - والأكثرون على ان اللّه تعالى اسرى بعبده محمّد « ٢ » صلى اللّه عليه وسلم ليلة المعراج بجسده فى اليقظة وتواترت الاخبار الصحيحة بذلك وعليه انعقد الإجماع - ولو كان المعراج فى المنام لما أنكر عليه قريش إذ لا استبعاد فى الرؤيا - قال البغوي قال شيخنا الامام رضى اللّه عنه قد قال بعض أهل الحديث ما وجدنا لمحمّد بن اسمعيل ولمسلم فى كتابيهما شيئا لا يحتمل مخرجا الا هذا الحديث المذكور الّذي يدل على كون الاسراء فى المنام بروحه وأحال الآفة فيه إلى شريك بن عبد اللّه وأنكر أيضا على ان ذلك قبل ان يوحى إليه - وقد اتفق أهل العلم على ان المعراج كان بعد الوحى بنحو من اثنى عشر سنة قبل الهجرة بسنة - ثم قال البغوي قال شيخنا الامام هذا الاعتراض عندى لا يصح لأن هذا كان رؤيا فى المنام أراه اللّه تعالى قبل الوحى - ثم عرج به فى اليقظة بعد الوحى قبل الهجرة بسنة تحقيقا لرؤياه من قبل - كما انه راى فتح مكة فى المنام عام الحديبية سنة ست من الهجرة ثم كان تحقّقه سنة ثمان واللّه اعلم - قال البغوي روى انه لما رجع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليلة اسرى به فكان بذي طوى قال يا جبرئيل ان قومى لا يصدقونى قال يصدقك أبو بكر وهو الصديق - قال البغوي قال ابن عباس وعائشة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما كان ليلة اسرى بي فاصبحت بمكة قطعت بامرى وعرفت ان الناس مكذبى - فروى انه صلى اللّه عليه وسلم قعد معتزلا محزونا - فمر به أبو جهل فجلس
اليه فقال له كالمستهزئ هل استفدت من شيء - قال نعم قال انى اسرى بي الليلة قال إلى اين قال إلى بيت المقدس قال ثم أصبحت بين ظهر أنينا قال نعم - فلم ير أبو جهل ان ينكر ذلك مخافة ان يجحده الحديث ثم قال أتحدث قومك بما حدثتنى قال نعم - فقال أبو جهل يا معشر بنى كعب بن لوى هلم - قال فانتقضت المجالس
_________
(١) وفى الأصل قد واللّه استحييت
(٢) وفى الأصل محمّدا