ج ٥، ص : ٤١٩
طريق مولى عائشة عنها ان النبي صلى اللّه عليه وسلم دخل عليها بأسير فقال احتفى به قالت فلهرت مع امراة فخرج ولم أشعر - فدخل النبي صلى اللّه عليه وسلم فسال عنه فقالت لا أدرى وغفلت عنه فخرج فقال قطع اللّه يدك ثم خرج عليه السلام فصاح به فخرجوا فى طلبه حتّى وجدوه - ثم دخل على فراشى وانا أقلّب يدى فقال مالك قلت أنتظر دعوتك - فرفع يديه وقال اللّهم انما انا بشر أسف واغضب كما يغضب البشر فايما مؤمن أو مؤمنة دعوت عليه بدعوة فاجعلها له زكوة وطهرا - واللّه اعلم والظاهر ان المراد بالإنسان الكافر وبالدعاء الدعاء بالعذاب استعجالا « ١ » واستهزاء كقول النضر بن الحارث اللّهم انصر خير الحزبين اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ فضرب عنقه يوم بدر صبرا -.
وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ علامتين دالتين على القادر الحكيم بتعاقبهما على نسق واحد مع إمكان غيره فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ أى الآية الّتي هى الليل والاضافة بيانية كاضافة العدد إلى المعدود يعنى جعلناها مظلمة وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً يعنى جعلنا النهار مضيئا مبصرا للناس وقيل المراد بالآيتين الشمس والقمر وتقدير الكلام وجعلنا بين الليل والنهار ايتين أو جعلنا الليل والنهار ذوى ايتين فمحونا اية الليل يعنى القمر يعنى انقصنا نوره شيئا فشيئا إلى المحاق وجعلنا اية النهار يعنى الشمس مبصرة ذات شعاع دائم يبصر الأشياء بضوئها قال الكسائي يقول العرب ابصر النهار إذا صار بحيث يبصر بها قال ابن عباس جعل اللّه ضوء الشمس سبعين جزءا ونور القمر كذلك فمحى من نور القمر تسعة وستين جزءا فجعلها مع نور الشمس حتّى ان اللّه تعالى امر جبرئيل فامرّ جناحه على وجه القمر ثلاث مرات فطمس عنه الضوء وبقي فيه النور - وسال ابن الكواء عليّا عليه السلام عن السواد الّذي فى القمر فقال هو اثر المحو « ٢ » لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ أى الراحة والفراغ للطاعة بالليل واسباب المعاش بالنهار وَلِتَعْلَمُوا باختلافهما أو بحركاتهما عَدَدَ السِّنِينَ وَجنس الْحِسابَ وَكُلَّ شَيْ ءٍ تحتاجون إليه فى امور الدين والدنيا فَصَّلْناهُ تَفْصِيلًا (١٢) اى
_________
(١) أخرج البيهقي فى الدلائل عن سعيد المقبري ان عبد اللّه بن سلام سال النبي صلى اللّه عليه وسلم عن السواد الّذي فى القمر فقال كانا شمسين فقال اللّه فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ قال فالسواد الّذي رايت هو المحو - ١٢ منه رحمه اللّه
(٢) فى الأصل استعجالا استهزاء -