ج ٥، ص : ٤٢٩
وَكَمْ أى كثيرا أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ بيان لكم وتميز له - والقرن القوم المقترنون فى زمان واحد - يعنى يكون ولادتهم فى وقت واحد - فى القاموس يقال هو على قرنى أى على سنى وعمرى - وانقضاء القرن ان لا يبقى منهم أحد - فى القاموس هو كل أمة هلكت فلم يبق منها أحد - قلت واما قرن الصحابة وقرن التابعين فيقال باعتبار مقارنتهم فى مصاحبة الرسول صلى اللّه عليه وسلم أو مصاحبة أحد ممن صاحبه صلى اللّه عليه وسلم - وقيل القرن مدة من الزمان عشرة سنين أو عشرون أو ثلاثون أو أربعون أو خمسون أو ستون أو سبعون أو ثمانون أو مائة سنة أو مائة وعشرون كذا فى القاموس من الأقوال - واعتبرت الحنفية فى مدة المفقود تسعين « ١ » سنة والأصح انه مائة سنة - لما روى محمّد بن القاسم عن عبد اللّه ابن تستر المازني ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وضع يده على رأسه وقال يعيش هذا الغلام قرنا - قال محمّد بن القاسم مازلنا نعدله حتّى تمّت مائة سنة ثم مات مِنْ بَعْدِ نُوحٍ كعاد وثمود وغيرهم تخويف لكفار مكة وَكَفى بِرَبِّكَ فى محل الرفع والباء زائدة بِذُنُوبِ عِبادِهِ متعلق بما بعده على سبيل التنازع خَبِيراً وان اخفوها فى الصدور بَصِيراً (١٧) وان ارخوا عليها الستور -.
مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ يعنى الدار العاجلة أى الدنيا مقصورا عليها همته عَجَّلْنا لَهُ فِيها « ٢ » أعطيناه فى العاجلة ما نَشاءُ كل ما يريده أو بعضه قيد به لأنه لا يجد كل أحد جميع ما يتمناه غالبا لِمَنْ نُرِيدُ ان نفعل به ذلك بدل من له بدل البعض قيد به لأنه لا يجد كل متمنّ متمنّاه ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ فى الاخرة جَهَنَّمَ يَصْلاها يدخل نارها مَذْمُوماً مَدْحُوراً (١٨) مطرودا مبعدا من رحمة اللّه.
وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها أى للاخرة حق سَعْيَها وهو الايتمار بالأوامر والانتهاء عن المناهي - لا بمجرد التمني أو التقرب بما يخترعون بآرائهم فهو منصوب على المصدرية - وجاز كونه منصوبا على المفعولية - وفائدة اللام اعتبار النية والإخلاص وَهُوَ مُؤْمِنٌ ايمانا
_________
(١) وفى الأصل تسعون -
(٢) وليس فى الأصل فيها -