ج ٥، ص : ٤٣٥ فتعطيه أو منتظرا له - وقيل معناه لفقد رزق من ربك ترجوه ان يفتح لك - فوضع الابتغاء موضع الفقدان لأنه مسبب عنه - وجاز ان يكون الابتغاء متعلقا بقوله فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُوراً (٢٨) أى قل لهم قولا ليناكى يرحمك اللّه برحمتك عليهم باجمال القول - والميسور من يسر الأمر مثل سعد الرجل ونحس - قال البغوي هو العدة أى عدهم وعدا جميلا - وقيل الدعاء لهم بالميسور وهو اليسر مثل أغناكم اللّه ورزقنا اللّه وإياكم واللّه اعلم - أخرج سعيد بن منصور عن سيار أبى الحكم قال اتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ببزّ - وكان معطيا كريما فقسّمه بين الناس - فاتاه قوم فوجدوه قد فرغ منه - فانزل اللّه تعالى.
وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ وأخرج ابن مردوية وغيره عن ابن مسعود قال جاء غلام إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال ان امّى تسئلك كذا وكذا فقال ما عندنا اليوم شيء - قال فتقول اكسنى قميصك فدفعه إليه فجلس فى البيت حاسرا - فانزل اللّه تعالى هذه الآية - وأخرج ابن أبى حاتم عن المنهال بن عمرو بمعناه - وأخرج أيضا عن أبى امامة ان النبي صلى اللّه عليه وسلم قال لعائشة انفقى ما ظهر كفى قالت اذن لا يبقى شيء فانزل اللّه تعالى هذه الآية - وقال البغوي قال جابر اتى صبى فقال يا رسول اللّه ان امّى تستكسيك درعا - ولم يكن لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الا قميصه - فقال للصبى من ساعة إلى ساعة يظهر فعد وقتا اخر - فعاد إلى امه فقالت له قل ان امّى تستكسيك الدرع الّذي عليك فدخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم داره ونزع قميصه فاعطاه - وقعد عريانا فاذّن بلال بالصلوة فانتظروه فلم يخرج فشغل قلوب أصحابه فدخل عليه بعضهم فراه عريانا فانزل اللّه تعالى وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ يعنى لا تمسك يدك عن النفقة فى الحق كالمغلول يده لا يقدر على ردها - ولا تبسطها بالعطاء كلّ البسط فتعطى جميع ما عندك بحيث لا تقدر على أداء حقوق نفسك وأهلك ومن له الحق عليك - قال البيضاوي هذان تمثيلان لمنع الشحيح وإسراف المبذّر نهى عنهما وامر بالاقتصاد بينهما الّذي هو الكرم فَتَقْعُدَ مَلُوماً أى تصير ملوما