ج ٦، ص : ١٥
فاخذها الرجل فنظر إلى ضرب الورق ونقشها فتعجب منها ثم طرحها إلى رجل من أصحابه - فنظر إليها فجعلوا يتطارحون بينهم ويقول بعضهم لبعض ان هذا أصاب كنزا خبيّبا في الأرض منذ زمان ودهر طويل - فلما راهم تمليخا يتشاورون من اجله فرق فرقا شديدا وجعل يرتعد ويظن انهم قد فطنوا به وعرفوه وانهم انما يريدون ان يذهبوا به إلى ملكهم دقيانوس وجعل أناس اخر يأتونه فيتعرفونه فلا يعرفونه - فقال لهم وهو شديد الفرق منهم افضلوا علىّ قد أخذتم ورقى فامسكوها واما طعامكم فلا حاجة لى به - فقالوا من أنت يا فتى وما شأنك واللّه لقد وجدت كنزا من كنوز الأولين وأنت تريد ان تخفيه منا فانطلق معنا وأرنا وشاركنا فيه نخف عليك ما وجدت - فانك ان لم تفعل نأت بك إلى السلطان فنسلّمك إليه فيقتلك - فلما سمع قولهم قال قد وقعت وفي كل شىء كنت احذر منه - فقالوا يا فتى انك واللّه لن تسطيع ان تكتم ما وجدت - فجعل تمليخا لا يدرى ما يقول لهم وما يرجع إليهم وفرق حتى ما يحير إليهم شيئا - فلما رأوه انه لا يتكلّم أخذوا كساءه فطرحوه في عنقه ثم جعلوا يقودونه في سلك المدينة حتى سمع به من فيها فسألوه ما الخبر فقيل لهم أخذ رجل عنده كنز فاجتمع إليه أهل المدينة صغيرهم وكبيرهم فجعلوا ينظرون إليه ويقولون واللّه ما هذا الفتى من أهل هذه المدينة وما رايناه فيها قط - فجعل تمليخا لا يعرف ما يقول لهم فلما اجتمع إليه فرق فسكت ولم يتكلم - وكان مستيقنا ان أباه واخوته بالمدينة وان حسبه بالمدينة من عظماء أهلها وانهم سيأتونه إذا سمعوا به فبينا هو قائم كالحيران ينتظر حتى يأتيه بعض اهله فيخلصه من بين أيديهم - إذا اختطفوه وانطلقوا به إلى رءوس المدينة ومدبريها الذين يدبر ان أمرها - وهما رجلان صالحان اسم أحدهما اريوس والاخر
اشطيوس - فلما انطلق به إليهما ظن تمليخا انه ينطلق به إلى دقيانوس الجبار فجعل يلتفت يمينا وشمالا - وجعل الناس ليسخرون منه كما يسخر من المجنون - وجعل تمليخا يبكى ثم رفع رأسه الى
السماء فقال اللهم اله السماء والأرض افرغ اليوم علىّ صبرا وادلج معى روحا منك يؤيدني عند هذا الجبار وجعل يبكى - ويقول في نفسه فرّق بينى وبين إخوتي يا ليتهم يعلمون ما لقيت ولو انهم يعلمون فيأتونى فنقوم جميعا بين يدى الجبار فانّا كنا توافقنا ان لا نفترق فى حيوة ولا موت ابدا - يحدث تمليخا نفسه فيما أخبر أصحابه حين رجع إليهم حتى انتهى إلى الرجلين الصالحين اريوس واشطيوس فلما راى تمليخا انه لا يذهب به إلى دقيانوس أفاق وذهب عنه البكاء - فاخذ اريوس واشطيوس الورق فنظرا إليها وعجبا منها ثم قال له أحدهما اين الكنز الذي وجدت


الصفحة التالية
Icon