ج ٦، ص : ٢٥
قال اللّه تعالى قُلْ رَبِّي قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بفتح الياء والباقون بإسكانها أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ أى بعددهم ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ٥ منهم أى من النصارى - أو الا قليل من الناس وهم المسلمون قال ابن عباس انا من ذلك القليل كانوا سبعة - رواه ابن جرير والفرياني وغيرهما عنه - وكذا روى ابن أبى حاتم عن ابن مسعود انهم سبعة ثامنهم كلبهم - قال البيضاوي ان اللّه تعالى اثبت العلم بهم لطائفة بعد ما حصر اقوال الطوائف في الثلاثة المذكورة - فان عدم إيراد القول الرابع في نحو هذا المحمل دليل على العدم مع ان الأصل نفيه - وبعد ما رد القولين الأولين ظهر ان الحق هو القول الثالث وقال البغوي روى عن ابن عباس انه قال هم مكسلمينا وتمليخا ومرطونس وسنونس وسارينونس وذو نواس وكعسططيونس وهو الراعي - رواه الطبراني في معجمه الأوسط بإسناد صحيح عنه قال ابن حجر في شرح البخاري في النطق بها اختلاف كثير ولا يقع الوثوق من ضبطها بشيء فَلا تُمارِ فِيهِمْ أى لا تجادل في شأن الفتية وعددهم إِلَّا مِراءً ظاهِراً أى جدالا بظاهر ما قصصنا عليك من غير تجهيل لهم ولا تعمق فيه إذ لا فائدة في ذلك الجدال وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ أى في شان اصحاب الكهف وعددهم مِنْهُمْ أى من أهل الكتاب أَحَداً (٢٢) أى لا تسئل عن قصتهم سوال مستعلم فان فيما اوحى إليك لمندوحة عن غيره مع انهم لا علم لهم بها - وأيضا لا فائدة لك في زيادة العلم بأحوالهم - ولا سوال متعنت تريد تفضيح المسئول عنه وتزئيف ما عنده - فانه مخل لمكارم الأخلاق واللّه اعلم - أخرج ابن مردوية عن ابن عباس قال حلف النبي صلى اللّه عليه وسلم على يمين فمضى له أربعون ليلة فانزل اللّه تعالى.
وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْ ءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وأخرج ابن المنذر عن مجاهد انه قالت اليهود لقريش سلوه عن الروح وعن اصحاب الكهف وذى القرنين - فسالوه فقال ايتوني غدا أخبركم ولم يستثن فابطا عنه الوحى بضعة عشر يوما - حتى شق عليه وكذّبته قريش فانزل اللّه هذه الآية - وقد ذكر في أوائل السورة ما أخرج ابن جرير نحوه - وكذا ذكرنا في سورة بنى إسرائيل في تفسير قوله تعالى وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ والاستثناء استثناء من النهى - أى لا تقولنّ لاجل شيء تعزم عليه انّى فاعل ذلك الشيء فيما يستقبل من الزمان الّا ان يشاء اللّه - يعنى لا تقولنّ في حال من الأحوال الا متلبسا بمشيته أى الّا قائلا ان شاء اللّه : أو في وقت من الأوقات الا وقت مشيّته ان تقوله بمعنى الا وقت ان يأذن لك


الصفحة التالية
Icon