ج ٦، ص : ٣٠
عما يقال له فنزلت - وأخرج ابن بريدة قال دخل عيينة بن حصين على النبي صلى اللّه عليه وسلم وعنده سلمان فقال عيينة إذا نحن اتيناك فاخرج هذا فنزلت ولا تطع من أغفلنا قلبه أى جعلنا قلبه غافلا عن ذكرنا وَاتَّبَعَ هَواهُ فى دعائك إلى طرد الفقراء عن مجلسك لصناديد قريش - وفيه تنبيه على ان الداعي له إلى هذا الاستدعاء غفلة قلبه عن ذكر اللّه سبحانه - وانهما له في لذات الدنيا - حتى خفى عليه ان الشرف بتزكية النفس عن الرذائل وتصفية القلب وتنويرها بنور المعرفة لا بزينة الجسد وانه من أطاعه كان مثله في الغفلة والغباوة - والمعتزلة لما لم يجوّزوا نسبة الاغفال إلى اللّه تعالى قالوا معنى أغفلنا وجدناه غافلا أو نسبناه إلى الغفلة أو هو من قبيل اغفل ابله أى تركها بغير سمة - واهل السنة السنية جعلوا مجموع النسبتين في قوله تعالى أغفلنا وقوله واتّبع هويه دليلا على الأمر بين الامرين لاجبر ولا تفويض وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (٢٨) قال البغوي قال قتادة ومجاهد أى ضياعا - وقيل معناه ضيع امره وعطل أيامه - وقيل ندما وقال مقاتل بن حبان سرفا - وقال الفراء منزوكا - وقيل باطلا - وقيل مخالفا للحق - وقال الأخفش مجاوزا للحد - وقال البيضاوي متقدما على الحق تاركا له وراء ظهره - يقال فرس فرط أى متقدما للخيل ومنه الفرط.
وَقُلِ يا محمد الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ مبتدأ وخبر يعنى الحق ما حقه اللّه لا ما يقتضيه الهوى ويجوز ان يكون الحق خبر مبتدأ محذوف ومن ربكم حالا يعنى الإسلام أو القرآن هو الحق كائنا من ربكم فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ صيغة تخيير استعمل للتهديد والوعيد كأنَّه جواب لما قال عيينة للنبى صلى اللّه عليه وسلم اما يؤذيك ريح هؤلاء ونحن سادات مضر واشرافها فان اسلمنا اسلم الناس وما يمنعنا عن اتباعك الا هؤلاء فنحهم حتى نتبعك ومعناه الحق كائن من ربك واللّه يأمر بصبر النفس والمجالسة مع هؤلاء وينهى عن طردهم فان شئتم أمنوا وان شئتم فاكفروا لا أبالي بايمان من أمن منكم ولا بكفر من كفر منكم - فان نفع الايمان ومضرة الكفر انما يعود إليكم إِنَّا أَعْتَدْنا هيّئنا لِلظَّالِمِينَ أى الكافرين ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها السرادق الحجرة يطيف بالفساطيط قال في النهاية هو كل ما أحاط بشيء من حائط أو مضرب أو خباء - قالوا هو لفظ مفرد معرب إذ ليس في كلامهم اسم مفرد ثالثه الف وبعده حرفان وجاز ان يكون جمع سردق - روى أحمد والترمذي والحاكم وصححه عن أبى سعيد الخدري عن النبي صلى اللّه