ج ٦، ص : ٤٩
فِي الْبَحْرِ سَرَباً (٦١) أى مسلكا ومنه قوله سارب بالنهار وقيل السرب الشق الطويل وقد مر في رواية الصحيح امسك اللّه عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق ونصبه على المفعول الثاني وفي البحر حال منه أو من السبيل ويجوز تعلقه باتخذ -.
فَلَمَّا جاوَزا مجمع البحرين بالسير إلى وقت الغداء من اليوم الثاني قالَ موسى لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا أى طعامنا والغداء ما يعد للاكل غدوة والعشاء ما يعد للاكل عشية لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً (٦٢) أى تعبا وشدة وذلك انه القى على موسى الجوع بعد مجاوزة الصخرة ليتذكر الحوت ويرجع إلى مطلبه وقد مرّ في حديث الصحيحين ان موسى لم يجد نصبا حتى جاوز الموعد.
قالَ له قتاة وتذكرّ أَرَأَيْتَ يعنى أخبرني ما انسانى الحوت إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ الّتي رقدنا عندها قال البغوي قال هقل بن زياد هى الصخرة الّتي دون نهر الزيت فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ أى تركته وفقدته وقيل في الآية إضمار تقديره نسيت ان اذكر لك امر الحوت وما رايت منه - قال البغوي وذلك ان يوشع حين راى ذلك من الحوت قام ليدرك موسى فيخبره فنسى ان يخبره فمكثا يومهما حتى صليا الظهر من الغد ثم اعتذر وقال وَما أَنْسانِيهُ قرأ حفص بضم الهاء في الوصل وكذا في سورة الفتح في قوله تعالى عليه اللّه والباقون يكرونها فيهما في الحالين - أى ما انسانى ان اذكر لك امر الحوت إِلَّا الشَّيْطانُ يعنى شغلنى الشيطان بوساوسه ان اذكره لك - قال البيضاوي ولعله نسى لاستغرابه في الاستبصار وانجذاب شراشره إلى جناب القدس بما عراه عن مشاهدة الآيات الباهرة وانما نسب إلى الشيطان هضما لنفسه - أو لأن عدم احتمال القوة للجانبين واشتغالها بأحدهما عن الاخر عدّ من نقصان نفسه أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ الحوت سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً (٦٣) سبيلا عجبا فهو صفة لمفعول ثان أقيم مقامه والظرف ظرف لغوا واتخاذا عجيا فهو صفة لمصدر والمفعول الثاني هو الظرف - وقيل هو مصدر فعله المضمر كأنَّه قال في اخر كلامه عجبت عجبا وقيل هذا من قول موسى لما قال له يوشع واتخذ سبيله في البحر قال موسى عجبا أى عجبت عجبا - وقيل ضمير اتخذ راجع إلى موسى أى اتخذ موسى سبيل الحوت في البحر عجبا أى يعجب عجبا فهو حال - قال موسى.
ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ اثبت الياء في الحالين ابن كثير وفي الوصل فقط نافع وأبو عمرو والكسائي والباقون يحذفونها في الحالين يعنى كنا نطلب ذلك لكونه امارة لمكان الخضر فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما أى رجعا في الطريق الّذي جاءا فيه قَصَصاً (٦٤) يقصان قصصا أى يتبعان


الصفحة التالية
Icon