ج ٦، ص : ١٠٢
كانَ صادِقَ الْوَعْدِ
قال مجاهد لم يعد شيئا إلا وفى به وقال مقاتل وعد رجلا ان يقيم مكانه حتى يرجع إليه الرجل فاقام اسمعيل مكانه ثلثة ايام للميعاد حتى رجع إليه الرجل وقال الكلبي انتظره حتى حال عليه الحول وناهيك انه وعد الصير على الذبح حيث قال ستجدنى إنشاء اللّه من الصابرين فوفى به وَكانَ رَسُولًا إلى جرهم نَبِيًّا (٥٤) قال البيضاوي هذا يدل على ان الرسول لا يلزم ان يكون صاحب الشريعة فان أولاد ابراهيم عليه السلام كانوا على شريعته.
وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ اشتغالا بالأهم وهو ان يقبل الرجل على نفسه ومن هو اقرب الناس إليه بالتكميل قال اللّه تعالى وانذر عشيرتك الأقربين وامر أهلك بالصلوة قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقيل المراد به أمته فان الأنبياء اباء الأمم بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ قال ابن عباس يريد الّتي افترض اللّه عليهم وهى الحنفية الّتي افترضت علينا وخص العبادتين بالذكر لأن الصلاة أفضل العبادات البدنية والزكوة أفضل العبادات المالية وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (٥٥) رضى اللّه لنبوته ورسالته ورضى عنه لاجل قيامه على طاعته واستقامة اعماله وأفعاله.
وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ هو سبط شيث جد أبى نوح عليهم السلام اسمه أخنوخ قيل سمى إدريس لكثرة درسه الكتب وقال البيضاوي اشتقاقه من الدرس يرده منع الصرف نعم لا يبعد ان يكون معناه في تلك اللغة قريبا من ذلك فلقب به لكثره درسه حيث انزل اللّه تعالى عليه ثلثين صحيحفة قال البغوي هو أول من خط بالعالم وأول من خاط الثياب وليس المخيط وكان من قبله يلبسون الجلود وأول من اتخذ السلاح وقاتل الكفار وأول من نظر في علم النجوم والحساب إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا (٥٦).
وَرَفَعْناهُ عطف على كان صديقا مَكاناً عَلِيًّا (٥٧) قيل يعنى درجة رفيعة بشرق النبوة والزلفى عند اللّه وقيل الجنة وقيل السماء السادسة أو الرابعة روى أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم انه رأى إدريس ليلة المعراج في السماء الرابعة وقد مر الحديث في سورة بنى إسرائيل وسورة النجم وكان سبب دفع إدريس على ما قاله كعب وغيره انه ساد يوما في حاجة فاصابه وهج الشمس فقال يا رب انا مشيت يوما فاصابنى من حر الشمس ما أصابني فكيف من يحملها مسيرة خمسمائة عام في يوم واحد اللهم خفف عنه من ثقلها وحرها فلما أصبح الملاف وجد من خفة الشمس وحرها مالا يعرف فقال يا رب ما الّذي قضيت فيه قال ان عبدى إدريس سألنى ان أخفف