ج ٦، ص : ١١٦
مما متع به الكفار في الدنيا من النعم الفانية الّتي يفتخرون بها وَخَيْرٌ مَرَدًّا (٧٦) أى عاقبة ومرجعا والخير هاهنا اما لمجرد الزيادة أو على طريقة قولهم الصيف احرّ من الشتاء أى ابلغ في حره منه في برده واللّه اعلم - أخرج الشيخان عن خباب بن الأرت قال كنت رجلا قينا فعملت للعاص بن وائل واجتمع لى عنده فانيته أتقاضاه فقال لا واللّه لا أقضيك حتى تكفر بمحمد - فقلت اما واللّه لا اكفر حتى تموت ثم تبعث قال وانى لميت ثم مبعوث قلت نعم قال فانه سيكون لى ثمه مال وولد فاقضيك فانزل اللّه تعالى.
أَفَرَأَيْتَ إلخ لما كانت الروية أقوى سندا للاخبار استعمل ارايت بمعنى أخبرني - والخطاب للنبى صلى اللّه عليه وسلم أو لمخاطب غير معين - وكلمة رايت بالفاء معطوفة على محذوف تقديره أوقع نظرك قرائت الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا يعنى العاص بن وائل وَقالَ عطف على كفر لَأُوتَيَنَّ مالًا وَوَلَداً (٧٧) قرأ حمزة والكسائي ولدا بضم الواو وسكون اللام والباقون بفتحهما قال البغوي هما لغتان مثل العرب والعرب والعجم والعجم - وقيل بالضم والسكون جمع وبالفتحتين مفرد مثل اسد واسد.
أَطَّلَعَ الْغَيْبَ الجملة بتأويل المفرد مفعول ثان لرايت واطلع هاهنا من قبيل اطلع الجبل أى ارتقى إلى أعلاه واستغنى بهمزة الاستفهام عن همزة الوصل قال ابن عباس انظر في اللوح المحفوظ وقال مجاهد اعلم علم الغيب حتى ادعى ان يؤتى في الاخرة مالا وولدا أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً (٧٨) يعنى قال لا اله الّا اللّه وقال قتادة يعنى عمل عملا صالحا وقال الكلبي عهد اللّه إليه ان يدخله الجنة.
كَلَّا رد عليه يعنى ليس الأمر كذلك سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ أى سنحفظ عليه أو سنظهر له انا كتبنا قوله أو سننتقم منه ما كتبنا من قوله ووجه هذه التأويلات ان نفس الكتابة لا يتاخر عن القول لقوله تعالى ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ واسناد الكتابة إلى نفسه مع كون الملائكة الكرام كاتبين لأن كتابتهم بامره تعالى وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا (٧٩) أى نزيد عذابه لاجل استهزائه بهذا القول فوق ما استحقه قبل ذلك بالكفر.
وَنَرِثُهُ باهلاكنا إياه وابطال ملكه ما يَقُولُ يعنى المال والولد وَيَأْتِينا يوم القيامة فَرْداً (٨٠) لا يصحبه مال ولا ولد كان له في الدنيا


الصفحة التالية
Icon