ج ٦، ص : ١٢٢
فكيف العبودية الحقيقية المساوية للمخلوقية - وافراد اتى وعبدا حملا على لفظة كل.
لَقَدْ أَحْصاهُمْ أى حصرهم وأحاط بهم بحيث لا يخرجون من علمه وقدرته وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) يعنى عدّ أشخاصهم وأنفاسهم وأفعالهم وأحوالهم وأرزاقهم - فان كلّ شيء عنده بمقدار.
وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً (٩٥) منفردا عن الامتاع والأنصار وليس معه شى مما في الدنيا - أخرج ابن جرير عن عبد الرحمن بن عوف انه لمّا هاجر إلى المدينة وجد في نفسه على فراق أصحابه بمكة منهم شيبت بن ربيعة وعتبة بن ربيعة وامية بن خلف فانزل اللّه تعالى.
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (٩٦) يعنى محبة في قلوب المؤمنين أو محبّا يحبهم - قال في القاموس الودّ والواد الحب ويثلثان يعنى يقران بكسر الواو وفتحها وضمها - والود أيضا المحب ويثلث كالوديد الكثير الحب - وفيه تسلية لعبد الرحمن بن عوف ووعد له بان يجعل اللّه له محبين عن المؤمنين بدلا من الكافرين - وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس قال نزلت هذه الآية في علىّ ابن أبى طالب رضى اللّه عنه يعنى يجعل اللّه تعالى محبته في قلوب المؤمنين وسائر الخلائق غير الكافرين قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من كنت مولاه فعلى مولاه رواه أحمد وابن ماجة عن البراء واحمد عن بريدة والترمذي والنسائي عن زيد بن أرقم وقال عليه السلام ذكر علّى عبادة - رواه صاحب مسند الفردوس عن عائشة وفي لفظ حبّ علىّ عبادة وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا أحب اللّه العبد قال لجبرئيل قد أحببت فلانا فاحبه فيحبه جبرئيل ثم ينادى في أهل السماء ان اللّه قد أحب فلانا فاجده فيحبه أهل السماء ثم وضع له القبول في الأرض رواه البخاري ومسلم من حديث أبى هريرة قلت ويمكن تأويل هذه الآية ان اللّه تعالى يتخذه محبا لنفسه قال اللّه تعالى لا يزال عبدى يتقرب الىّ بالنوافل حتى أحببته الحديث.
فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ الباء بمعنى على أدهى على أصله وعدى يسرناه بالباء لتضمنه معنى أنزلناه أى أنزلناه بلغتك هو على هذا حال أى متلبسا بلغتك - قلت ويمكن ان يقال تقديره يسرناه على أمتك متلبسا بافتك لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ عن الشرك وَتُنْذِرَ به الضمير المنصوب في يسّرناه والمجرور في به راجع إلى القرآن قَوْماً لُدًّا (٩٧) أشداء الخصومة الذين يختارون النار مع وضوح الحق تعصبا وخصومة وعنادا وقال الحسن معناه ضمّا عن الحق وقال مجاهد الالدّ الظالم الّذي لا يستقيم - وقال أبو عبيدة الألد الّذي لا يقبل الحق ويدعى الباطل والحصر إضافي يعنى ما أنزلنا القرآن لتتعب نفسك وتبخعهاان لم يؤمنوا انما أنزلناه لتبشر وتنذر.
وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ أى قبل كفار قومك مِنْ قَرْنٍ تخويف للكافرين وتجسير للرسول صلى اللّه عليه وسلم على إنذارهم هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أى هل فحس منهم أحدا بإحدى الحواس الخمس وقيل معناه هل ترى وقيل هل تجد وقيل هل تشعر أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً (٩٨) الركز الصوت الخفي واصل التركيب للخفاء ومنه ركز الرمح أقاغيب طرفه في الأرض والركاز المال المدفون واللّه اعلم - تمت تفسير سورة المريم ويتلوه تفسير سورة طه ان شاء اللّه تعالى) يوم الاثنين خامس صفر من السنة الثالثة بعد الالف والمائتين سنة - ١٢٠٣.


الصفحة التالية
Icon