ج ٦، ص : ١٤٣
مربوبا وأنت تعبد تريد ان تعبد فقلّبه عن رايه لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ ان تحقق عنده صدقكما أَوْ يَخْشى (٤٤) يعنى ان لم يتحقق عنده صدقكما ولم يتذكر فلا اقل من ان يتوهم فيخشى - والترجي بالنسبة إلى علمهما والّا فاللّه تعالى كان عالما بانه لا يرجع - والجملة في محل النصب على الحالية من فاعل قولا - يعنى قولا حين التذكر من فرعون أو خشيته - أو على العلية لقوله قولا يعنى - وقال الحسن بن الفضل هذا ينصرف إلى غير فرعون مجازه لعله يتذكر متذكر أو يخشى خاش -.
قالا أى موسى وهارون يا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا قال ابن عباس ان يعجّل علينا بالقتل والعقوبة قبل إتمام الدعوة واظهار المعجزات - يقال فرط عليه فلان إذا عجّل بمكروه من فرط إذا تقدم ومنه الفارط أَوْ أَنْ يَطْغى (٤٥) أى يزداد طغيانا فيقول فيك ماء ينبغى لجرءته وقساوته ويزداد في الاساءة إلى عبادك.
قالَ اللّه تعالى لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما تعليل لقوله لا تخافا يعنى لا تخافا لاننى معكما بالحفظ والنصر أَسْمَعُ دعاءكما وَأَرى (٤٦) ما يراد بكما فامنع لست بغافل عنكما فلا تهتما - أو اسمع وارى ما يجرى بينكما وبين فرعون من قول وفعل فافعل في كل حال بكما ما ينبغى من النصر ودفع المكروه - ويجوز ان لا يقدر شيء على معنى انّنى حافظكما سامعا مبصرا - والحافظ إذا كان قادرا سميعا بصيرا تم الحفظ -.
فَأْتِياهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ أرسلنا إليك والى بنى إسرائيل فَأَرْسِلْ الفاء للسببية مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ إلى الشام أو اطلقهم عن أعمالك دخل عنهم لعبادة اللّه تعالى وَلا تُعَذِّبْهُمْ بالتكاليف الصعبة والأعمال الشاقة الّتي كان فرعون يستعملهم فيها قَدْ جِئْناكَ بِآيَةٍ أى حجة مِنْ رَبِّكَ على صدقنا في دعوى الرسالة جملة مقررة لما تضمنه الكلام السابق من دعوى الرسالة وانما وحد الآية وكان معه آيتان لأن المراد اثبات بالبرهان لا الاشارة إلى وحدة الحجة وتعددها وكذلك قوله، قد جئتكم ببيّنة وقوله فأت باية ونحو ذلك وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى (٤٧) جملة معترضة أى سلامى وسلام الملئكة وخزنة الجنة على المهتدين أو السلامة في الدارين لهم من النقمة في الدنيا والعذاب في الاخرة.
إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا أَنَّ الْعَذابَ أى عذاب اللّه في الدنيا والاخرة عَلى مَنْ كَذَّبَ الرسل وَتَوَلَّى (٤٨) اعرض عن