ج ٦، ص : ١٥٧
من الولاية مطلقا إذ الولاية عبارة عن التجليات الصفاتية والنبوة عن التجليات الذاتية فاين لهذا من ذلك وقال المجرد رضى اللّه عنه ان لكل واحد من النبوة والولاية عروجا ونزولا - والصوفي في مرتبة العروج في كلا النسبتين متوجه إلى اللّه لتحصيل الكمال - وفي مراتبه النزول في كليهما متوجه إلى الخلق للتكميل غير انه في نسبة الولاية لما كان عروجه إلى الصفات دون الذات فله عند نزوله التفات ما إلى المبدأ فائض البركات غير متوجه إلى الخلق بالكلية وفي نسبة النبوه له عند نزوله توجه بالكلية إلى الخلق وفي بادى النظر يرى نفسه معرضا عن اللّه فيكون ذلك عليه شاقا ورياضة وعسرا لكنه في الحقيقة ليس بمعرض عنه تعالى بل مقبل عليه أيضا واتسع صدره للتوجهين جميعا.
بل التوجه إلى الخلق لمّا كان بإذن اللّه وعلى حسب امره ومرضاته فهو أيضا في المعنى توجه إلى اللّه سبحانه ومن ثمّ سمّى هذا السير سيرا من اللّه باللّه فانى في الوصال عبيد نفسى وفي الهجر ان مولى للموالى - وقد ذكرنا هذه المسألة في سورة الم نشرح في تفسير قوله تعالى فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً واللّه اعلم - وجاز ان يكون الكلام في الآية انه قال اللّه تعالى بعد ما أنجز وعده وأعطاه التوراة ارجع إلى قومه فانّا قد فتنّا قومك مِنْ بَعْدِكَ أى بعد انطلاقك إلى الجبل عند خوهم عنك وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (٨٥) نسب اللّه سبحانه الفتنة والإضلال إلى نفسه لخلقه الضلالة فيهم والإضلال في السامري والى السامري لكسبه الإضلال والدعاء إلى عبادة العجل - قال البغوي كانوا ستمائة الف فافتتوا بالعجل غير اثنى عشر الف - والسامرىّ قال في القاموس كان علجا من كرمان أو عظيما من بنى إسرائيل منسوب إلى موضع لهم وقال البيضاوي منسوب إلى قبيلة من بنى إسرائيل يقال لهم السامرة واسمه موسى بن طفر وكان منافقا.
فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ بعد ما استوفى الأربعين وأخذ التورية غَضْبانَ عليهم أَسِفاً ٥ حزينا شديد الحزن بما فعلوا قالَ موسى لقومه حين راهم عبدوا العجل يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً منصوب على المصدرية أو على المفعولية على ان الوعد بمعنى الموعود حَسَناً بان يعطيكم التورية فيها هدى ونور أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ الاستفهام للانكار والفاء للعطف على محذوف تقديره أتأثرهم بمصاحبتى إياكم فامنتم باللّه وحده ووعدتموني ان تكونوا بعدي على ذلك فطال عليكم العهد أى زمان مقارقتى إياكم أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ بكسر الحاء من باب ضرب يضرب بإجماع القراء أى يجب عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ بعبادة ما دونكم وما هو مثل في الغباوة أى أردتم ان تفعلوا فعلا يوجب الغضب عليكم فَأَخْلَفْتُمْ