ج ٦، ص : ١٦٦
للحى القيوم وقد خاب من الشرك ولم يسجد له - وجملة عنت الوجوه معطوفة على خشعت أو حال من فاعله بتقدير قد.
وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ شرط وكلمة من للتبعيض أى بعض الصالحات يعنى الفرائض منها وجاز ان يكون من للابتداء والتقدير ومن يعمل عملا كائنا من النيات الصالحات وَهُوَ مُؤْمِنٌ حال من الضمير المرفوع في يعمل يعنى ان الايمان شرط لصحة الطاعات وقبول الخيرات فَلا يَخافُ جزاء للشرط قرأ ابن كثير فلا يخف بالجزم والظاهر انه مجذوم على انه جزاء للشرط - وقال البيضاوي وغيره مجزوم على النهى - وقرأ الجمهور فلا يخاف بالرفع اما بناء على انه تعليل لجزاء محذوف والفاء للسببية تقديره من يعمل من الصّلحت وهو مؤمن يفلح لأنه لا يخاف - واما خبر لمبتدأ محذوف والجملة الاسمية جزاء للشرط تقديره فهو لا يخاف ظُلْماً أى لا يخاف ان يراد على سيأته وَلا هَضْماً (١١٢) ان ينقض من ثواب حسناته كذا قال ابن عباس وقال الحسن لا ينقص من ثواب حسناته ولا تحمل عليه ذنب مسئ - وقال الضحاك لا يوخذ بذنب من لم يعمله أو لا يبطل حسنة عملها - واصل الهضم النقص والكسر ومنه هضم الطعام - والجملة الشرطية معطوفة على عنت الوجوه -.
وَكَذلِكَ عطف على قوله وكذلك نقصّ عليك صفة لمصدر محذوف منصوب بقوله أَنْزَلْناهُ الضمير المنصوب راجع إلى القرآن يعنى كما قصصنا عليك أبناء السلف من الأمم الماضية أنزلنا عليك القرآن انزالا مثل ذلك الانزال في كونه ممّن خلق الأرض والسّموات العلى وفي كونه متضمنا للوعد والوعيد حال كونه قُرْآناً عَرَبِيًّا مقروّا بلسان العرب كله على وتيرة واحدة واسلوب بديع معجز وَصَرَّفْنا أى كررنا فِيهِ مِنَ آيات الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أى لكى يجتنبوا للشرك والمعاصي فيصيرا التقوى ملكة لهم أَوْ يُحْدِثُ ذلك القرآن لَهُمْ ذِكْراً (١١٣) عظة واعتبارا ما حين يسمعونه فيمنعم عن المعاصي ولو في الجملة - ولهذه النكتة أسند التقوى إليهم لكون التقوى ملكة لهم والأحداث إلى القرآن - ونسبة الأحداث إلى القرآن مجاز من قبيل الاسناد إلى السبب والمعنى يحدث اللّه لهم بسبب القرآن ذكرا - وقيل كلمة أو بمعنى الواو.
فَتَعالَى اللَّهُ فيه التفات من التكلم إلى الغيبة والفاء للسببية يعنى جل اللّه وعلا من ان تماثل كلامه كلام غيره كما لا يماثل هو في


الصفحة التالية
Icon