ج ٦، ص : ١٧٦
يعنى الظهر والعصر جميعا وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ أى من ساعاة جمع انى بالكسر والقصر يعنى المغرب والعشاء - قال ابن عباس يريد أول الليل قلت ويمكن ان يراد به التحجد أيضا فانها كانت واجبة على النبي صلى اللّه عليه وسلم والظرف متعلق بقوله فَسَبِّحْ والفاء زائدة أو على تقدير اما يعنى وامّا من اناء اللّيل فسبّح على الخصوص لكون الليل وقت خلّو القلب عن الاشغال - والنفس فيها أميل إلى الاستراحة فكانت العبادة فيها احسن وأفضل - قال اللّه تعالى إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلًا...
وَأَطْرافَ النَّهارِ عطف على قبل طلوع الشمس وعلى محل من آناء اللّيل - ولعل هذا تكرير لصلوتى الفجر والعصر لارادة الاختصاص ومزيد التأكيد - لأن الفجر وقت نوم والعصر وقت اشتغال بالدنيا - فالاية نظيرة لقوله تعالى حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الوسطى ومجيئه بلفظ الجمع للامن من الالتباس - أو المراد باطراف النهار صلوة الظهر فقط لأن وقته نهايت النصف الأول من النهار وبداية النصف الاخر - وجمعه باعتبار النصفين - وقيل المراد من اناء اللّيل صلوة العشاء ومن أطراف النّهار صلوة الظهر والمغرب - لأن الظهر في اخر الطرف الأول من النهار وفي أول الطرف الاخر فهو طرفين منه والطرف الثالث غروب الشمس وعند ذلك يصلى المغرب - أو المراد منه التطوع في اجزاء النهار لَعَلَّكَ تَرْضى (١٣٠) أى لكى ترضى يعنى سبح في هذه الأوقات لأن تنال من عند اللّه ما به ترضى - وقرأ الكسائي وأبو بكر بالبناء للمفعول أى لكى يرضيك ربك - وقيل معنى ترضى ان يرضاك اللّه كما قال وكان عند ربّه مرضيّا - وقيل معنى الآية لعلك ترضى بالشفاعة كما قال وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى - روى الشيخان في الصحيحين واحمد واصحاب السنن الاربعة عن جرير بن عبد اللّه انه قال كنا جلوسا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فراى القمر ليلة البدر فقال انكم ترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رويته فان استطعتم ان لا تغلبوا على صلوة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ثم قرأ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها واللّه اعلم.
اخرج ابن أبى شيبة وابن مردوية والبزار وأبو يعلى عن أبى رافع قال نزل عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ضيف فارسلنى إلى رجل من اليهود ان أسلفني دقيقا - وفي رواية يعنى كذا وكذا


الصفحة التالية
Icon