ج ٦، ص : ١٨٦
او على حذف المضاف أى ذوى جسد أو بتأويل الضمير بكل واحد - والجسد جسم ذى لون ولذلك لا يطلق على الماء والهواء - وقيل هو جسم ذو تركيب لأن أصله لجمع الشيء واشتداده لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ صفة لجسد وجملة ما جعلنا مستأنفة جواب لقولهم مال هذا الرّسول يأكل الطّعام وَما كانُوا خالِدِينَ فى الدنيا تأكيد وتقرير لما سبق فان التعيش بالطعام عن لوازم التحليل المؤدى إلى الفناء.
ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ أى في الوعد بالنصر على أعدائهم - الجملة معطوفة على جملة محذوفة معطوفة على قوله وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالًا وما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ ولا يموتون - ولكن طعن فيهم المشركون بمطاعن غير صحيحة ومعائب غير ثابتة كما طعن هؤلاء فيك فوعدناهم بالنصر عليهم ثمّ صدقنهم الوعد فَأَنْجَيْناهُمْ يعنى المرسلين من عذاب اللّه وإيذاء الكفار وَمَنْ نَشاءُ يعنى المؤمنين بهم ومن في ابقائه حكمته كمن سيؤمن هو أو أحد من ذريته ولذلك حميت العرب من عذاب الاستيصال وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (٩) متجاوزين الحد في الكفر والمعاصي -.
لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ يا معشر قريش كِتاباً أى القرآن فِيهِ ذِكْرُكُمْ أى شرفكم ان علمتم به أو لأنه بلسانكم أو المعنى ذكركم ربكم وذكر ما تحتاجون إليه من امر دينكم - وقال البيضاوي حيتكم والصيت أى الذكر أى الحسن أو موعظتكم أو ما تطلبون به حسن الذكر من مكارم الأخلاق وقال مجاهد فيه حديثكم - وفي القاموس الذّكر بالكسر الحفظ للشيء كالتذكار والشيء يجرى على اللسان والصيت والثناء والشرف والصلاة للّه تعالى والدعا وكتاب فيه تفصيل الدين ووضع الملل - أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٠) عطف على أنزلنا والفاء للتعقيب والهمزة للانكار عدم تعقل ما فيه صلاحكم وشرفكم -.
وَكَمْ قَصَمْنا يعنى كسرنا أى أهلكنا كثيرا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً يعنى أهل قرية كانوا ظالمين على أنفسهم بالكفر والمعاصي وَأَنْشَأْنا أورثنا بَعْدَها أى بعد هلاك أهلها قَوْماً آخَرِينَ (١١) مكانهم.
فَلَمَّا أَحَسُّوا يعنى لما أدركوا بحاسة البصر والضمير الأهل المحذوف المضاف إلى قرية بَأْسَنا شدة عذابنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ (١٢) أى يهربون مسرعين راكضى دواتهما ومشبهين بهم من فرط إسراعهم


الصفحة التالية
Icon