ج ٦، ص : ١٩٢
وَلَداً
عطف على مضمون أم اتّخذوا الهة من الأرض ومضمون أم اتّخذوا من دونه الهة يعنى جعلوا اللّه شركاء وقالوا اتّخذ الرّحمن ولدا - قال البغوي نزلت في خزاعة حيث قالوا الملائكة بنات اللّه سُبْحانَهُ تنزيه له تعالى عن ذلك بَلْ عِبادٌ يعنى بل هم أى الملائكة عباد مخلوقون ليسوا باولاد مُكْرَمُونَ (٢٦) مقربون.
لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ أى لا يقولون شيئا الا باذنه - وأصله لا يسبق قولهم قوله واذنه فنسب السبق إليهم واليه وجعل القول محله وأداته تنبيها على استهجان اسبق المعترض به للقائلين على اللّه مالا يرضاه - وأنيب اللام عن الاضافة اقتصارا وتجافيا عن تكرير الضمير وَهُمْ بِأَمْرِهِ أى بما يأمرهم به يَعْمَلُونَ (٢٧) يتمثلون ولا يعصونه أصلا.
يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ أى لا يخفى عليه شيء مما عملوا وما هم عاملين - وهو كالعلة لما قبله والتمهيد لما بعده فانهم لاحاطة علمه تعالى بأحوالهم يضبطون أنفسهم ويراقبون أحوالهم وَلا يَشْفَعُونَ مهابة منه إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى ان يشفع له قال ابن عباس الا لمن قال لا اله الا اللّه - وقال مجاهد الا لمن رضى اللّه عنه وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (٢٨) الخشية خوف مع التعظيم ولذلك خص به العلماء - والإشفاق خوف مع اعتناء فان عدى بمن كما في هذه الآية فمعنى الخوف فيه اظهر وان عدى بعلى فبا بالعكس - فالمعنى وهم من خوفه لاجل عظمته ومهابته خائفون لا يأمنون مكره.
وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ أى من الخلائق أو من الملائكة على سبيل الفرض إِنِّي قرأ نافع وأبو عمر بفتح الياء والباقون بإسكانها إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ الشخص نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ والغرض من الآية نفى الربوبية ونفى ادعاء ذلك من الملائكة - وتهديد المشركين بتهديد مدعى الالوهية فهذه الآية كقوله تعالى نْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً
- وقال قتادة عنى بذلك إبليس حيث دعا إلى عبادة نفسه وامر بطاعة نفسه وقد كان من الملائكة اما حقيقة أو حكما لاجل الحاقه بهم واما غيره من الملائكة فلم يقل به أحد كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٢٩).
أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا قرأ ابن كثير الم ير بغير واو العطف والباقون بالواو