ج ٦، ص : ١٩٦
بيان لقوله ان يتخذونك إلا هزوا تقديره يقولون ا هذا الّذي يذكر الهتكم أى بسوء وانما أطلقه لدلالة الحال فان ذكر العدو لا يكون الا بسوء وذكر الحبيب لا يكون الا بخير يقال فلان يذكر فلانا يعنى يعيبها وفلان يذكر اللّه أى يعظمه ويجله وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ با لتوحيد والتعظيم أو بإرشاده الخلق ببعث الرسل وانزل الكتب رحمة عليهم - أو بالقران هُمْ كافِرُونَ منكرون يقولون لارحمن الا رحمن اليمامة يعنى مسيلمة الكذاب فهم أحق بان يهزوبهم وتكريرا لضمير للتاكيد أو التحصيص أو لحيلولة بينه وبين الخبر.
خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ يعنى خلق الإنسان مجبولا على الاستعجال كأنَّه خلق منه لفرط استعجاله وقلة تا؟؟؟ نيه يقول العرب للّذي يكثر منه الشيء خلق منه يقال خلقت من تعب وخلقت من غضب وخلق فلان من الكرم جعل ما طبع هو بمنزلة المطبوع هو منه مبالغة في لزومه له قال سعيد بن جبير والسدى لما دخل الروح في راس آدم وعينه نظر إلى ثمار الجنة فلما دخل في جوفه اشتهى الطعام فوثب قبل ان يبلغ الروح في رجليه عجلان إلى ثمار الجنة فوقع فقيل خلق الإنسان من عجل والمراد بالإنسان آدم عليه السّلام وأورث أولاد العجلة من عجلته مبادرته إلى الكفر واستعجال الوعيد قلت ويمكن ان يقال على ما قالت الصوفية ان العالم بأسرها ظلال لاسماء اللّه تعالى وصفاته ومباد لتعينات الخلائق واللّه سبحانه متصف بالصفات المتضادة فكما ان الصبور من الأسماء الحسنى كذلك سريع الحساب منها فالاستعجال الّذي هو من صفات اللّه تعالى له دخل في مبدأ تعين نوع الإنسان ومن هاهنا قال قوم معناه ان بنيته وخلقته من العجلة فان قيل إذا كان الاستعجال من صفات اللّه تعالى كان محمود أو سياق هذه الآية تدل على كونه مذموما وأيضا إذا كان الإنسان مجبولا على الاستعجال فالنهى عنه لا يجوز لأن الطبيعيات لا يكون مقدورة الترك قلنا نفس الاستعجال غير مذموم وانما المذموم الافراط فيه أو وضعه في غير موضعه الا ترى ان اللّه تعالى يمدح الأنبياء بانهم يسارعون في الخيرات فالممنوع هو الافراط ووضعه في غير موضعه وذلك مقدور تركه وقال قوم معناه خلق الإنسان يعنى آدم من تعجيل في خلق اللّه إياه لأن خلقه كان بعد كل شيء في اخر النهار يوم الجمعه فاسرع في خلقه قبل مغيب الشمس قال مجاهد فلما احى الروح راسه قال يا رب استعجل بخلقي قبل غروب الشمس وقيل معناه خلق آدم بسرعة وتعجيل لا على ترتيب خلق سائر الآدمين من النطفة والعلقة والمضغة وغيرها وقال قوم من عجل أى من طين
قال الشاعر