ج ٦، ص : ٢٠٥
ثنتين في ذات اللّه قوله انى سقيم وقوله بل فعله كبيرهم هذا وقال بينا هو ذات يوم وسارة إذ اتى على جبار من الجبابرة فقيل له ان هاهنا رجلا معه امرأة من احسن الناس فارسل إليه فسأله عنها من هذه قال أختي فاتى سارة فقال لها هذا الجبار ان يعلم انك امرأتى يغلبنى عليك فان سألك فاخبريه انك أختي فانك أختي في الإسلام ليس على وجه الأرض مومن غيرى وغيرك فارسل إليها فاتى بها وقام ابراهيم يصلى فلما دخلت عليه ذهب يتناولها بيده فاخذ ويروى فغطّ حتى ركض برجله فقال ادعى اللّه لى ولا اضرك فدعت اللّه فاطلق ثم تناولها الثانية فاخذ مثلها أو أشد فقال ادعى اللّه لى ولا اضرك فدعت اللّه فاطلق فدعا بعض حجبته فقال انك لم تأتني بانسان انما أتيتني بشيطان فاخدمها هاجرة فاتته وهو قائم يصلى فاوفى بيده مريم « ١ » قالت رد اللّه كيد الكافر في نحره واخدم هاجرة قال أبو هريرة تلك امكم يا بنى ماء السماء متفق عليه وانما سماها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كذبات مجاز التسمية للمعاريض كذبا لما شابهت صورتها صورته كما قال اللّه تعالى وجزاء سيئة سيئة مثلها الا ترى ان قول ابراهيم فانك أختي في الإسلام صريخ في ان قول ابراهيم كان من المعاريض لابارادة الكذب حاشاه على ذلك وانما أضاف ابراهيم السؤال إلى سائرهم مع انه كان عرض بالكبير نفسه لاشتراك سائرهم في الحضور.
فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ يعنى رجعوا إلى عقولهم وتفكروا وفهموا ان ما يقول ابراهيم من نفى الوهية هؤلاء حق وما نحن عليه باطل فَقالُوا فى أنفسهم أو بعضهم لبعض إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (١١) بعبادتكم من لا يتكلم ولا يضر ولا ينفع أو أنتم الظالمون بسوال هذا الرجل أو بقولكم إياه انه لمن الظالمين.
ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ يعنى ردوا إلى الكفر وانقلبوا إلى المجادلة بعد ما استقاموا بالمراجعة إلى العقول شبه عودهم إلى الباطل بصيرورة أسفل الشيء أعلاه والا على الأسفل لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ فكيف تأمر بسوالهم والتقدير وقالوا واللّه لقد علمت ما هؤلاء ينطقون.
قالَ ابراهيم لما تم الحجة عليهم أَفَتَعْبُدُونَ عطف على محذوف تقديره أتعترفون بان هؤلاء لا ينطقون ولا تنفعكم شيئا ولا يضرون وانكم أنتم الظالمون في عبادتها أفتعبدون بعد ذلك مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً من النفع ان عبدتموها وَلا يَضُرُّكُمْ ان تركتم عبادتها انكار لعبادتها وتوبيخ بعد ما اعترفوا بانها
_________
(١) أى ما أمركم وشانكم وهى كلمة يمانية ١٢


الصفحة التالية
Icon