ج ٦، ص : ٢١٥
سليمان فاثنى اللّه عليه وجاز الخطا في اجتهاد الأنبياء الا انهم لا يقرون عليه قال الحسن لو لا قوله تعالى وَك ُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً
زلرأيت الحكام قد هلكوا ولكن اللّه تعالى حمد هذا بالاجتهاد واحتج من قال كل مجتهد مصيب بظاهر هذه الآية حيث قال كلا اتينا حكما وعلما ولا دليل لهم فيه بل قوله تعالى ففهمناها سليمان دليل على ان الصواب ما فهم سليمان دون داود عليهما السلام واما حديث عمرو بن العاص انه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا حكم الحاكم فاجتهد فاصاب فله أجران وإذا حكم فاخطأ فله اجر واحد رواه الشيخان في الصحيحين واحمد واصحاب السنن الاربعة عن أبى هريرة والمذكور من غير الترمذي عن عمرو بن العاص فهو حجة لنا لا علينا إذ هو صريح في ان المجتهد يخطى ويصيب وكونه ماجورا حين اخطأ لا يدل على كونه مصيبا لكون الخطاء والصواب متضاد ان وليس المراد انه يوجر على الخطاء بل يوجر على اجتهاده في طلب الحق لأن اجتهاده عبادة والخطا عنه موضوع إذ لم ينل جهره وعند الاصابة له أجران اجر الاجتهاد واجر النيل إلى الصواب واللّه اعلم (حديث) روى الشيخان في الصحيحين عن أبى هريرة انه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول كانت امرأتان معهما ابناهما جاء الذئب فذهب بابن إحداهما فقالت صاحبتها انما ذهب بابنك وقالت الأخرى انما ذهب بابنك فتحاكما إلى داود عليه
السلام وقضى به الكبرى فخرجتا على سليمان فاخبرتاه فقال ايتوني بالسكين أشقه بينهما فقالت الصغرى لا تفعل يرحمك اللّه هو ابنها فقضى به للصغرى - وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ - معه لامره إذ وجد فترة عنه لينشط له مع متعلق بسخرنا أو ليسبحن والاول أقوى لفظا والثاني معنا وجملة يسبحن حال من الجبال واستيناف لبيان وجه التسخير وَالطَّيْرَ عطف على الجبال أو مفعول معه قدمت الجبال على الطير لأن تسخيرها وتسبيحها اعجب قال وهب كانت الجبال تجاوبه بالتسبيح وكذلك الطير وقال قتادة تسبحن أى تصلين معه إذا صلى وقال ابن عباس كان يفهم تسبيح الحجر والشجر وقيل كان داود إذ افتر يسمعه اللّه تسبيح الجبال والطير لينشط في التسبيح ويشتاق إليه وقال بعض الناس يسبحن من السباحة أى كانت الجبال تسير معه إذا سار وَكُنَّا فاعِلِينَ ما ذكرنا من التفهيم


الصفحة التالية
Icon