ج ٦، ص : ٢٢٢
وجعله عبرة للصابرين وذكرى للعابدين في كل بلاء نزل بهم ليانسوا به في الصبر ورجاء الثواب فانقضى عدو اللّه سريعا فوجد أيوب ساجدا فعجل قبل ان يرفع رأسه فاتاه من قبل وجهه فنفخ في منخره نفخة اشتعل منها جميع جسده فخرج من قرنه إلى قدمه ثاليل « ١ » مثل أكباد الغنم وقعت فيه حكة محك باظفار حتى سقطت كلها ثم حك بالمسوح « ٢ » الخشنة حتى قطعها ثم حكها بالفخار والحجارة الخشنة ثم لا يزال يحكها حتى نغل لحمه وتقطع وتغير وأنتن فاخرجه أهل القرية فجعلوه على كناسة وجعلوا له عريشا فرفضه خلق اللّه كلهم غير امرأته رحمة بنت إفرائيم بن يوسف بن يعقوب وقيل هى بنت يوسف كما ذكرنا في سورة يوسف كانت تختلف إليه بما يصلحه وتلزمه فلما راى الثلاثة أصحابه وهم أيقن ويلدد وصافر ما ابتلاه اللّه به اتهموه ورفضوه من غير ان يتركوا دينه فلما طال به البلاء انطلقوا إليه فبكتوه « ٣ » ولاموه وقالوا له تب إلى اللّه من الذنب الّذي عوقبت به وقال الراوي حضر معهم فتى حديث السن قد أمن به وصدقه لهم انكم يكلمهم أيها الكهول وكنتم أحق بالكلام لاسنانكم ولكن قد تركتم من القول احسن من الّذي قلتم ومن الرأي أصوب من الّذي رأيتم ومن الأمر أجمل من الّذي أتيتم وقد كان لايوب عليكم من الحق والزمام « ٤ » من الّذي وصفتم فهل تدرون أيها الكهول حق من انتقصتم وحرمة من انتهكتم ومن الرجل الّذي عتبسه واتهمتم الم تعلموا ان أيوب نبى اللّه وخيرته وصفوته من أهل الأرض يومكم هذا ثم لم تعلموا ولم يطلعكم اللّه على انه سخط شيئا من امره منذ أتاه ما أتاه إلى يومكم هذا ولا على انه نزع شيئا من الكرامة الّتي أكرمه بها ولا ان أيوب قال على اللّه غير الحق في طول ما صحبتموه إلى يومكم هذا فان كان هو الّذي ازرى « ٥ » به عندكم ووضعه في أنفسكم فقد علمتم ان اللّه تعالى
يبتلى النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وليس بلاؤه لاولئك بدليل على سخطه عليهم ولا لهو انه لهم
_________
(١) الثآليل ١٢.
(٢) المسوح جمع مسح هو البلاس ١٢.
(٣) بكته مثقلة بما يكره ١٢ قاموس.
(٤) الزمام الزمة الحق ١٢ قاموس.
(٥) ازرى به أى ادخل به عيبا ١٢.


الصفحة التالية
Icon