ج ٦، ص : ٢٢٩
فان قيل ان اللّه سماه صابرا وقد اظهر الشكوى والجزع بقوله أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ - ومَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ - قيل ليس ه ذا شكاية انما هو دعاء بدليل قوله تعالى فاستجبنا له - علا ان الجزع انما هو في الشكوى إلى الخلق واما الشكوى إلى اللّه فلا يكون جزعا ولا ترك صبر كما قال يعقوب انّما أشكو بثّي وحزنى إلى اللّه - وقال سفيان بن عليينة من اظهر الشكوى إلى الناس وهو راض بقصام اللّه لا يكون ذلك جزعا - كما روى ان جبرئيل دخل على النبي صلى اللّه عليه وسلم في مرضه فقال كيف تجدك قال أجدني مغموما - أجدني مكروبا - قلت كذا في حديث أبى هريرة عند ابن الجوزي بلفظ قال جبرئيل ان اللّه عزّ وجلّ يقرأك السلام ويقول كيف تجدك الحديث - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لعائشة حين قالت وا رأساه قال انا ووا رأساه - قلت كذا روى ابن إسحاق واحمد عنها انه صلى اللّه عليه وسلم رجع من البقيع فدخل علىّ وهو يصدع وانا اشتكى رأسى فقلت وارأساه فقال بل انا واللّه وارأساه « ١ » الحديث وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ اختلفوا في ذلك فقال ابن مسعود وابن عباس وقتادة والحسن واكثر المفسرين رد اللّه عليه اهله وأولاده بأعيانهم أحياهم اللّه له وأعطاه « ٢ » مثلهم وهو ظاهر القرآن - وقال الحسن اتى المثل من نسل ماله الّذي رد إليه واهله يدل عليه ما روى الضحاك عن ابن عباس ان اللّه تعالى رد إلى المراءة شبابها فولدت له سته وعشرين ذكرا - قال وهب كان له سبع بنات وثلثة بنين وقال ابن يسار وكان له سبعة بنين وسبع بنات وروى عن أنس رضى اللّه عنه يرفعه انه كان اندر « ٣ » للقمح واندر للشعير فبعث اللّه سحابتين فافرغت إحداهما على اندر القمح الذهب وأفرغت الاخرى على اندر الشعير المورق حتى حى فاض و- روى ان اللّه تعالى بعث إليه ملكا وقال ان ربك يقراك السلام بصبرك فاخرج إلى اندرك - فخرج اليه
فارسل عليه جرادا من ذهب فطارت واحدة فاتبعها وردها إلى أندره فقال له الملك واما يكفيك ما في اندرك - فقال هذه بركة من بركات ربّى ولا أشبع من بركته - وقال قوم اتى اللّه أيوب في الدنيا مثل اهله الذين هلكوا فاما الذين هلكوا فانهم لم يردوا عليه في الدنيا وقال عكرمة قيل لايوب ان أهلك لك في الاخرة فان شئت عجلناهم لك في الدنيا وان شئت كانوا
_________
(١) وفي معالم التنزيل بلفظ وقال لعائشة حين قالت وارأساه بل انا وا رأساه ١٢ منه رح.
(٢) وفي الأصل وأعطاهم أبو محمد.
(٣) وفي المنجد الأندر الكرس من القمح خاصة - السيد الفقير الدهلوي.