ج ٦، ص : ٢٣٧
يتداركوا ما فات عنهم من الايمان - وجاز ان يكون ان مع جملتها مبتدأ وحرام خبره يعنى عدم رجوعهم إلى موقف الحساب والجزاء ممتنع وقال ابن عباس معنى الآية وحرام على أهل قرية انهم راجعون إلى الدنيا فعلى هذا مبتداء وخبر ولا زائدة - وعلى التأويلات كلها هذه الآية وعيد الكفار كما ان السابقة وعد للمؤمنين.
حَتَّى إِذا فُتِحَتْ قرأ ابن عامر وأبو جعفر ويعقوب بالتشديد على التكثير والباقون بالتخفيف يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ اسمان لقبيلتين والمضاف محذوف يعنى فتح سدهما عنهما وَهُمْ يعنى يأجوج وماجوج مِنْ كُلِّ حَدَبٍ أى نشز وتل يَنْسِلُونَ (٩٦) أى يسرعون من نسلان الذئب وقد ذكرنا حديث النواس بن سمعان في سورة الكهف في تفسير قوله تعالى فإذا جاء وعد ربّى جعله دكّاء وكان وعد ربّى حقّا وفيه ويبعث اللّه يأجوج ومأجوج وهم من كلّ حدب ينسلون - قلت وإنما خص نسلانهم من الأحداب لأن مقرهم ما وراء الجبال فيأتون من فوق الجبال وقيل ضميرهم في وهم في كلّ حدب راجع إلى الناس أجمعين وقرأ مجاهد وهم من كلّ جدث يّفعلون بالجيم والثاء المثلة من فوق؟؟؟ معنى القبر والضمير على هذا راجع إلى الناس أجمعين نظيره قوله تعالى فإذا هم من الأجداث إلى ربّهم ينسلون - وعن حذيفة ابن اسد الغفاري قال اطلع النبي صلى اللّه عليه وسلم ونحن نتذكر فقال ما تذاكرون قالو نذكر الساعة قال الها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات - فذكر الدخان والدّجال والدابة وطلّوع الشمس من مغربها ونزول عيسى بن مريم ويأجوج ومأجوج وثلاث خسوف خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب واخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم - وفي رواية تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر - وفي رواية في العاشرة وريح يلقى الناس في البحر - رواه مسلم وحتى ابتدائية تدلّ على سببية ما قبلها لما بعدها كما في قولهم مرض فلان حتى لا يرجونه - متعلق بحرام أو بمحذوف دل عليه الكلام أو بلا يرجعون أى يستمر امتناع عدم تضيع حسناتهم - يعنى يستمر حبط أعمالهم أو امتناع قبول توبتهم أو امتناع رجوعهم إلى الدنيا أو امتناع عدم بعثهم للجزاء حتى تكون أبصارهم شاخصة أو يهلكون بالكفر حتى يكون كذلك - أو لا يرجعون إلى التوبة أو إلى الدنيا حتى يكون كذلك مترتبا عليه التفسير
المظهري، ج ٦، ص : ٢٣٨
وما بعد حتى جملة شرطية إذا فتحت يأجوج ومأجوج شرط وهم من كلّ حدب ينسلون حال من يأجوج ومأجوج - وان كان الضمير راجعا إلى الناس فهو عطف على الشرط وقوله.
وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ يعنى يوم القيامة عطف على فتحت - وقال الفراء وجماعة الواو زائدة والجملة جزاء للشرط كما في قوله تعالى فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنادَيْناهُ والمعنى لما أسلما ناديناه - واستدلوا عليه بما روى عن حذيفة قال لو ان رجلا اقتنى فلوا بعد خروج يأجوج لم يركبه حتى تقوم الساعة - ورد هذا القول بان الواو ولا تكون زائدة وجزاء الشرط فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا أى أجفانهم إذا للمفاجاة تسد مسد الفاء الجزائية كقوله اذاهم يقنطون فإذا جاءت معها تظاهرت على وصل الجزاء بالشرط فيتاكد - والضمير للقصة أو مبهم يفسره الابصار - وشاخصة مبتدأ من قبيل الصفة المسندة إلى فاعلها والابصار فاعل لها أو مبتداء وشاخصة خبره يقال شخص بصره يعنى فتح عينه وجعل لا يطرف من شدة الهول والتحير - وقيل هى مبتدأ محذوف الخبر تقديره فإذا هى أى الساعة بارزة يعنى من قربها كانها حاضرة - وقوله شاخصة أبصار الّذين كفروا جملة مستانفة يا وَيْلَنا مقدر بيقولون وهى واقع موقع الحال من الموصول وجاز ان تكون فإذا هى شاخصة معطوفة على الشرط والجزاء يقولون يويلنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا اليوم لم نعلم انه حق هذه الجملة في مقام التعليل لقوله يا ويلنا بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ (٩٧) لانفسنا بالإخلال بالنظر أو واضعين العبادة في غير موضعها.
إِنَّكُمْ أيها المشركون وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ يعنى مالا يعقل من الأصنام وعجل السامري ونحو ذلك تفضيحا للكفار في عبادتها وما يعقل ويرضى بكونه معبودا من الشياطين مدعى الالوهية بالباطل ومن الانس كفرعون ونمرود واشباههم - واما ما يعقل ولا يرضى به فغير مراد بدليل العقل والنقل فانه لا تزر وازرة وزر أخرى - هذا على تقدير كون ما عامة لذوى العقول وغيرهم كما هو المختار عند اكثر المحققين ويويده ما روى ان ابن الزبعرى قال لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هذا شيء لالهتنا خاصة أو لكل من عبد من دون اللّه فقال عليه السّلام بل لكل من عبد من دون اللّه - ذكره البيضاوي وأخرجه أبو داود وابن المنذر وابن مردوية والطبراني


الصفحة التالية
Icon