ج ٦، ص : ٢٤٥
والتوحيد يصح إثباته بالسمع لأن الرسالة انما تتوقف على المرسل فلا ذور فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ يعنى اسلموا وأخلصوا العبادة للّه على مقتضى الوحى المصدق بالحجة واستعدوا برحمة اللّه.
فَإِنْ تَوَلَّوْا عن الإسلام بعد تمام الحجة عليهم أبوا عن رحمة اللّه فَقُلْ يا محمد آذَنْتُكُمْ أى أعلمتكم ما أرسلت به إليكم أو أعلمتكم بالحرب وان لا صلح بيننا عَلى سَواءٍ أى حال كونكم مستوين في الاعلام يعنى ما أخفيت من أحد منكم فيه دليل على بطلان مذهب الباطنية والروافض المعتقدين للتقية القائلين بان الائمة كانوا يعلّمون أصحابهم احكام الشرع على وجه الاحق ويقولون ان للجدر ان أذان أو المعنى مستوين انا وأنتم في العلم بما أعلمتكم أو بالحرب والمعاداة يعنى لاخداع فتاهبوا للحرب أو اذنتكم إيذانا على سواء يعنى على الإعلان دون الكتمان وقيل معناه أعلمتكم انى على سواء أى على عدل واستقامة رأى بالبرهان وَإِنْ أَدْرِي أى ما أدرى أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ من غلبة المسلمين أو الحشر لكنه كائن لا محالة.
إِنَّهُ تعالى يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ أى ما تجاهرون به من الطعن في الإسلام وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ من الحقد للمسلمين فيجازيكم عليه وهذه الجملة معترضة للتوبيخ على النفاق والتحريض على الإخلاص.
وَإِنْ أَدْرِي مفعول أدرى محذوف يعنى ما أدرى اىّ سبب لتاخير العذاب عنكم مع ما علم اللّه تعالى جهركم وسركم بالسوء ولما كان في هذه الجملة نفى علمه صلى اللّه عليه وسلم عن سبب تأخير العذاب عن الكفار وذلك يوهم نفى الظن قد وقع ذلك الوهم بقوله لَعَلَّهُ الضمير راجع إلى المحذوف المفهوم مما سبق يعنى لعل ذلك التأخير فِتْنَةٌ لَكُمْ أى استدراج لكم وزيادة في افتتانكم أو امتحانكم لينظر هل ترجعون مما أنتم عليه إلى الاتعاظ أم لا وَمَتاعٌ التنوين للتحقير وكذا تنوين حين أى تمتيع قليل من اللّه تعالى إِلى حِينٍ أى زمان يسير


الصفحة التالية
Icon