ج ٦، ص : ٢٦٤
فجعل خمسة للنار وواحد للجنة فقوله هذان خصمان ينصرف إليهم فالمومنون خصم وسائر الخمسة خصم لأن الكفر ملة واحدة ومبنى هذين القولين عموم اللفظ وسياق القصة ولا شك ان العبرة لعموم اللفظ دون خصوص السبب وقال عكرمه هما الجنة والنار اختصما روى الشيخان في الصحيحين عن أبى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تحاجت الجنة والنار فقالت النار أو ثرت بالمتكبرين والمتبخترين وقالت الجنة فما لى لا يدخلنى الا ضعفاء الناس وسقطهم وعرّتهم « ١ » قال اللّه تعالى للجنة انما أنت رحمتى ارحم بك من أشاء من عبادى وقال للنار انما أنت عذابى أعذب بك من أشاء ولكل واحد منكما ملؤها فاما النار فلا تمتلى حتى يضع اللّه رجله تقول قط قط قط فهنالك تمتلى ويزوى « ٢ » بعضها إلى بعض فلا يظلم اللّه من خلقه أحدا واما الجنة فان اللّه تعالى ينشأ لها خلقا فَالَّذِينَ كَفَرُوا فصل لخصومتهم وهو المعنى لقوله تعالى ان اللّه يفصل بينهم يوم القيامة قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ أى قدرت لهم على مقادير حيثيتهم قال سعيد بن جبير ثياب من نحاس مذاب وليس من الآنية شيء إذا حمى أشد حرا منه وتسمى باسم الثياب لانها تحيط بأبدانهم كاحاطة الثياب وقال بعضهم يلبس أهل النار مقطعات من النار روى أحمد بسند حسن عن جويرية قالت قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من لبس الحرير في الدنيا البسه اللّه يوم القيامة ثوبا من نار وأخرج والبزار وابن أبى حاتم والبيهقي بسند صحيح عن أنس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أول من يكسى حلة من النار إبليس فيضعها على حاجبيه ويسجها من بعده وذريته من بعده وهو ينادى يا ثبوراه وهم ينادون يا ثبورهم حتى يقفوا على النار فيقال لهم لا تدعوا ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا وأخرج أبو نعيم عن وهب بن منبه قال كسى أهل النار والعرى كان خيرا لهم واعطوا الحيوة والموت كان خيرا لهم وأخرج عن ابى
مالك الأشعري ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال النائحة إذا لم تيت قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران
_________
(١) عرّة جمع عرير وهو الفقير تتعرض للسوال من غير طلب ومنه المعتر ١٢.
(٢) أى تجتمع وتنصرف ١٢.