ج ٦، ص : ٢٧٥
لا تشرك أو مفسرة لبوأنا لاجل تضمنه معنى تعبد إذ التبوية لاجل التعبد والتعبد تشتمل الأمر والنهى فهو بمعنى القول بِي أى بعبادتي شَيْئاً وَطَهِّرْ من الأوثان والاقذار بَيْتِيَ قرأ نافع وحفص وهشام بفتح الياء والباقون بإسكانها أضاف البيت إلى نفسه تشريفا ولكونه مهبطا لتجليات مخصوصة به قال المجدد للالف الثاني رضى اللّه عنه ان الكعبة بيت اللّه مع كونها متجسدا مرئيا لها شبه بما لا كيف له لأن جدرانها وتراب ارضه إلى الثرى ليست قبلة الا ترى انه لوازيل عن ذلك المكان جدرانها وترابها ونقلت إلى مكان آخر فالقبلة ذلك المكان لا المكان الّذي نقلت إليه جدرانها وترابها ولو بنى ذلك المكان بجدر ان اخر ونقل إلى ذلك ونقل إلى ذلك المكان تراب آخر فهو كذلك قبلة فعلم ان القبلة امر لا كيف لها وينهبط هناك تجليات غير متكيفة يدركها من يدركها لِلطَّائِفِينَ أى الذين يطوفون حوله وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ جمع راكع وساجد ذكرهما بغير العاطف فان المراد به المصلين ولان الركوع بلا سجود لم يعرف في الشرع عبادة وعبر عن الصلاة بأركانها للدلالة على ان كل واحد منها مستقل باقتضاء الطهارة وقالت الروافض ان الطهارة في الصلاة انما يشترط في السجود لموضع الجبهة لا غير.
وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ أى أعلمهم وناد فيهم بِالْحَجِّ الظاهر انه عطف على طهر ذكر البغوي وأخرج ابن أبى حاتم عن ابن عباس نحوه ان ابراهيم عليه السّلام حين امر به قال وما يبلغ صوتى قال اللّه تعالى عليك الاذان وعلينا الإبلاغ فقام ابراهيم على المقام فارتفع المقام حتى صاركا طول الجبال فادخل إصبعيه في اذنيه واقبل بوجهه يمينا وشمالا وشرقا وقال يا أيها الناس ان ربكم قد بنى بيتا كتب عليكم الحج إلى البيت فاجيبوا ربكم فاجابه كل من يحج من اصل الإماء وأرحام الأمهات لبيك اللّهم لبيك قال ابن عباس فاول من اجابه أهل اليمن فهم اكثر الناس حجا وروى ان ابراهيم صعد أبا قبيس ونادى وقال ابن عباس عنى بالناس في هذه الآية أهل القبلة قال البغوي وزعم الحسن ان قوله تعالى واذن في الناس بالحج كلام مستانف والمخاطب النبي صلى اللّه عليه وسلم امر ان يفعل ذلك في حجة الوداع


الصفحة التالية
Icon