ج ٦، ص : ٢٧٩
وقد ذكرنا الإجماع على جواز الاكل من دماء التطوع - مسئلة واختلفوا في دم التمتع والقران فقال أبو حنيفة ومالك واحمد يجوز الاكل منه لأنه دم نسك وقد ذكرنا حديث جابر انه صلى اللّه عليه وسلم امر من كل بدنة ببضعه فجعلت في قدر فطبخت فاكلا من لحمها وشربا من مرقها واستدل ابن الجوزي لما روى عبد الرحمن بن أبى حاتم في سننه من حديث على قال أمرني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بهدى التمتع ان أتصدق بلحومها سوى ما ناكل وهذا صريح في الدلالة وقال الشافعي لا يجوز الاكل من دم التمتع والقران ومن شيء من دماء الواجبة سواء أوجبه على نفسه بالنذر أو وجب بسبب غير ذلك محتجا بحديث ناحية الخزاعي وكان صاحب بدن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في غزوة الحديبية وحديث ابن عباس وحديث دويب بن حلمه وقد ذكرنا الأحاديث الثلاثة والجواب عنها في سورة البقرة في تفسير قوله تعالى فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى قلت والظاهر ان الآية في جواز الاكل من الهدايا واجبة كانت الهدايا كالتمتع والقران أو نافلة كما أشرنا إليه نظرا إلى اطلاق اللفظ وخص منها المنذور بالإجماع أو يقال الكلام في الحج والمنذور ليس من باب الحج في شيء واما جزاء الصيد ودماء الكفارات فانها وان كانت من باب الحج لكن الظاهر من حال المسلم الاجتناب من المحرمات فهى غير مرادة بهذه الآية إذ المأمور به الحج المبرور واللّه اعلم - وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ أى الّذي اشتد بوسه والبوس شدة الفقر الْفَقِيرَ بدل من الأول أو عطف بيان له.
ثُمَّ لْيَقْضُوا قرأ ورش وأبو عمرو ابن عامر وقنبل بكسر الام والباقون بإسكانها تَفَثَهُمْ أى يزيلوا وسخهم بحلق الراس وقص الشارب والأظفار ونتف الإبط والاستحداد عند الاحلال الأول وذلك قبل طواف الزيارة ويحل على المحرم بعد الحلق كل شيء الا النساء وتحل النساء بعد الطواف كذا قال المفسرون والقضاء في الأصل بمعنى الفعل والأداء يقال قضى دينه وقال اللّه تعالى وإذا فضيتم مناسككم وقضيهن سبع سموت ويستلزمه الفراغ منه كما أيد يقوله تعالى أيما الأجلين قضيت وفي ازالة الوسخ الفراغ منه وقال البغوي قال ابن عمرو ابن عباس قضاء التفث مناسك الحج