ج ٦، ص : ٢٨٧
بالنفي كشراء القريب عتق بموجبه لا يحتاج إلى النية ولا ينتفى بالنفي ووجه قول أبى حنيفة ان تحريم ما ليس بحرام ليس بيمين على الإطلاق الا ترى ان الطلاق والعتاق والبيع ونحو ذلك يستلزم تحريم ما ليس بحرام وهى الزوجة والامة وليس شيء منها يمينا بل إذا كان التحريم قصد يا منويا باليمين كتحريم مارية أو العسل ولا يكون التزاما فحينئذ يكون يمينا وقوله تعالى يا أيها النبي لم تحرم ما أحل اللّه لك انما هو في التحريم القصدى دون الالتزامي فما لم ينو يمينا يكون نذرا نواه ا ولم ينوه حملا على الحقيقة وإذا نوى اليمين ونفى النذر يكون يمينا فقط حملا على المجاز وإذا لم ينف النذر سواه نواه ا ولم ينوه ونوى اليمين يكون نذر الصيغته يمينا بموجبه واللّه اعلم (فصل) واما القسم الثاني وهو النذر بالمعصية فهو على نوعين منها ما لا ينفك شيء من افراد جنسه عنها كالنذر بالشرب والزنا ونحو ذلك فقال
ابو حنيفة إذا قصد به اليمين ينعقد للكفارة والا يلغو ضرورة انه لا فائدة في انعقاده وليس هو مراد بهذه الآية ومامورا بالإيفاء اجماعا فان اللّه لا يأمر بالفحشاء وبه قال مالك والشافعي وقال أحمد ينعقد النذر لاجل الكفارة سواء نوى به اليمين اولا قال ابن همام وعليه مشى اكثر مشايخ الحنفية وبه قال الطحاوي انه لو أضاف النذر إلى سائر المعاصي كقوله للّه على ان اقتل فلانا كان يمينا ولزمته الكفارة بالحنث قلت وذلك لأنه لما تعذر حمل اللفظ على معناه الحقيقي وجب حمله على المعنى المجازى وهو مقتضى قوله صلى اللّه عليه وسلم لانذر في معصية وكفارته كفارة اليمين ومحمل الحديث عند أبى حنيفة إذا نوى به اليمين ومنها ما كان من جنسه طاعة خالصة عن العصيان كالنذر بصوم يوم العيد والصلاة عند طلوع الشمس وهذا القسم من النذر ينعقد عند أبى حنيفة رحمه اللّه وعليه ان يفطر ويقضى ولا كفارة عليه وان صام أجزأه وان نوى يمينا مع نفى النذر فعليه كفارة يمين والا فعليه القضاء والكفارة جميعا كما ذكرنا في النذر بالطاعة وقال أحمد عليه ان يفطر ويقضى ويكفر وان صام لا يجزيه وعنه ان صام أجزأه وقال مالك والشافعي لا ينعقد هذا النذر كالنذر بالنوع الأول من المعصية المحضة إذ لا فرق بين معصية ومعصية وما نهى اللّه عنه لا يجب بايجاب العبد وجه الفرق لابى حنيفة انه نذر الصوم وهو مشروع بأصله وانما النهى فيه لغيره وهو ترك اجابة دعوة اللّه فينعقد نذره ويجب عليه