ج ٦، ص : ٣٦١
واما الفلاح في الجملة فغير مختص بالمتصفين بهذه الصفات المذكورة في تلك الآيات - بل هو لكل من قال لا اله الا اللّه قال اللّه تعالى فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ والايمان والتوحيد نفسه رأس الخيرات - ومن هاهنا قال ابن عباس قد سعد المصدقون بالتوحيد وبقوا في الجنة - وروى عن ابن عباس مرفوعا خلق اللّه جنة عدن ودلّى فيها ثمارها وشق ف يها أنهارها ثم نظر إليها فقال تكلمى فقالت قد أفلح المؤمنون فقال وعزتى وجلالى لا يجاورنى فيك بخيل - رواه الطبراني قلت لعل المراد بالبخيل هاهنا هو الكافر فانه يتجل عن أداء حق اللّه تعالى في التوحيد وأخرج أيضا الطبراني بسند اخر جيد عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما خلق اللّه جنة عدن خلق فيها مالا عين رات ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ثم قال تكلمى فقالت قد أفلح المؤمنون - وأخرج البزار والطبراني والبيهقي نحوه عن أبى سعيد الخدري مرفوعا والبيهقي عن مجاهد وعن كعب نحوه والحاكم عن أنس نحوه وأخرج ابن أبى الدنيا في صفة الجنة عن أنس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خلق اللّه تبارك وتعالى جنة عدن من درة بيضاء ولبنة من ياقوتة حمراء ولبنة من زبرحد خضراء وملاطها المسك وحشيشها الزعفران وحصاها اللؤلؤ وترابها العنبر - ثم قال لها انطقى قالت قد أفلح المؤمنون - قال وعزتى لا يجاورنى فيك بخيل - قلت ويمكن ان يقال ان المراد بالفلاح دحول الجنة مطلقا ولو بعد التعذيب وذلك لجميع المؤمنين كما تدل عليه الأحاديث المذكورة - والتقييد في القرآن بالصفات المذكورة ليس للاحتراز بل لنمدح - فان شأن المؤمن يقتضى الاتصاف بتلك الصفات وعلى تقدير كون المراد بالفلاح الفلاح الكامل وكون التقييد بالصفات للاحتراز لا يدل تلك الآيات الا على الوعد بالفلاح الكامل للمؤمنين الكاملين المتصفين بتلك الصفات ولا ندل على نفى الفلاح عن غيرهم من
المؤمنين - لانا لا نقول بمفهوم الصفة كما قرر


الصفحة التالية
Icon