ج ٦، ص : ٣٧٦
شجرة نبت في الدنيا بعد الطوفان
وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً اية بحالها وتستدلون بها على كمال القدرة والحكمة لصانعها عطف على فانشأنا لكم - ولمّا كان الناس غافلون عن الاعتبار نزلوا منزلة أهل الإنكار وأكد الجملة. نُسْقِيكُمْ قرأ نافع وابن عامر وأبو بكر ويعقوب بفتح النون على صيغة المتكلم من المجرد والباقون بضم النون على صيغة المتكلم من الافعال كما ذكرنا في سورة النحل - وأبو جعفر هاهنا بالتاء وفتحها على صيغة المؤنث الغائب من المجرد والضمير حينئذ راجع إلى الانعام مِمَّا فِي بُطُونِها من الألبان أو من العلف فان اللبن يستلون منه فمن للتبعيض أو للابتداء وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ في ظهورها واشعارها وأصوافها وأوبارها وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٢١) فتنتفعون بأعيانها.
عَلَيْها
اى على الانعام فان منها ما يحمل عليه كالابل والبقر وقيل المراد الإبل لانها هى المحمول عليها عند العرب والمناسب للفلك فانها سفائن البر قال ذو الرمة سفينة برّ تحت خدى زمامها - والضمير فيه كالضمير في وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ... عَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ
(٢٢) فى البر والبحر وجملة نسقيكم إلى آخرها بيان للعبرة فان ما أخرج اللّه تعالى مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ آية للاعتبار على كمال قدرته - وانقياد الانعام للحلب وجزّ الصوف والشعر والحمل والذبح وغير ذلك مع كمال قوتها وضعف الإنسان اية اخرى.
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ عطف على قوله ولقد خلقنا الإنسان ذكر في صدر السورة حال المؤمنين المطيعين ثم عقبه بالآيات المقتضية للإيمان والطاعة ثم عقبه بذكر الكافرين الطاغين وما ال إليه أمرهم فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ أطيعوه ووحدوه ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ استيناف لتعليل الأمر بالعبادة قرأ الكسائي غيره بالجر حملا على لفظة اله والباقون بالرفع حملا على محله أَفَلا تَتَّقُونَ (٢٣) عطف على محذوف يعنى ا تشركون به فلا تتّقون ان يزيل ما بكم من نعمائه ويعذبكم باشراككم إياه غيره في العبادة


الصفحة التالية
Icon