ج ٦، ص : ٣٧٨
على اصنع وَفارَ التَّنُّورُ أى فار الماء من التنور للخباز اركب أنت ومن معك فلما نبع الماء منه وكان ذلك علامة لنوح أخبرته امرأته فركب ومحله في مسجد الكوفة عن يمين الداخل مما يلى باب كندة - وقيل في ذروة من الشام فَاسْلُكْ فِيها أى ادخل فيها جاء سلك لازما ومتعدّيا يقال سلكت في كذا أى دخلت وقال اللّه تعالى ما سلككم في سقر مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ قرأ الجمهور باضافة كل إلى زوجين فاثنين حينئذ منصوب على المفعولية يعنى ادخل فيها اثنين من كل صنفين من الحيوانات يعنى الذكر والأنثى وقرأ حفص كلّ بالتنوين عوض المضاف إليه يعنى ادخل فيها زوجين كانتا من كل نوع فاثنين على هذا تأكيد للزوجين - وفي القصة ان اللّه تعالى حشر لنوح السباع والطيور وغير ذلك فجعل نوح يضرب بيديه في كل نوع فيقع يده اليمنى على الذكر واليسرى على الأنثى فيحملها في السفينة وَأَهْلَكَ يعنى أهل بيتك أو من أمن معك إِلَّا مَنْ سَبَقَ في الأزل عَلَيْهِ الْقَوْلُ بالإهلاك لكفره مِنْهُمْ أى حال كون من سبق عليه القول بالإهلاك من أهلك وهى امرأته وولده كنعان - وانما حئ بعلى لأن السابق ضار وانما يجئ باللام إذا كان نافعا كما في قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى... وَلا تُخاطِبْنِي عطف على اصنع أو على فاسلك يعنى لا تخاطبني بالدعاء بالانجاء فِي حق الَّذِينَ ظَلَمُوا على أنفسهم بالكفر إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (٢٧) لا محالة لظلمهم بالاشراك جملة معللة لقوله لا تخاطبني.
فَإِذَا اسْتَوَيْتَ اعتدلت أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ ونجوت من مصاحبة الجار السوء فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٨) وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي في السفينة بعد الركوب أو في الأرض بعد الخروج من السفينة مُنْزَلًا قرأ أبو بكر عن عاصم بفتح الميم وكسر الزاء على معنى موضع النزول والباقون بضم الميم وفتح الزاء بمعنى الانزال مُبارَكاً يتسبّب لمزيد الخير في الدارين فالبركة في السفينة النجاة من مصاحبة اعداء اللّه والفراغ للاشتغال بعبادته - والبركة في الأرض بعد الخروج كثرة النسل والرزق