ج ٦، ص : ٣٩٣
والتمسك بالعادات لا لحكم الكياسة - وانما قيد الحكم بالأكثر لأنه كان منهم من ترك الايمان خوفا من توبيخ قومه أو لقلة فطنته أو عدم فكرته لا لكراهة الحق -.
وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ بان كان في الواقع الهة متعددة لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ أى لبطلت ولم يخرج شيء منها من كتم العدم لما ذكرنا في تفسير قوله تعالى لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا في سورة الحج « ١ » وقال ابن جريج ومقاتل والسدى وجماعة الحق هو اللّه وقال الفراء والزجاج المراد بالحق القرآن - والمعنى لو اتبع اللّه مرادهم وجعل لنفسه شركاء أو اتخذ ولدا وانزل القرآن على حسب شهواتهم ونطق القرآن بالشرك والقبائح - لم يكن اللّه الها فان الالوهية لا يحتمل الشركة واللّه لا يأمر بالفحشاء فان الأمر بالفحشاء رذيلة والالوهية يقتضى التنزه عن الرذائل ولو لم يكن اللّه الها لبطل وجود الممكنات بأسرها - وقيل معناه لو اتبع الحق أهواءهم وانقلب باطلا لذهب ما قام به العالم فلا يبقى له قوام - أو المعنى لو اتبع الحق الّذي جاء به محمد صلى اللّه عليه وسلم من الدين أهواءهم وانقلب شركا لا نزل اللّه عليهم العذاب وأهلك العالم من فرط غضبه بَلْ أَتَيْناهُمْ عطف على قوله بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ إلخ وجملة لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه لبيان بطلان اهوائهم بِذِكْرِهِمْ أى بالكتاب الّذي يذكّرهم اللّه أو هو ذكرهم أى وعظهم أو الذكر الّذي تمنّوه بقولهم لو انّ عندنا ذكرا من الاوّلين لكنّا عباد اللّه المخلصين وقال ابن عباس يعنى بما هو ذكرهم أى بما فيه فخرهم وشرفهم يعنى القرآن نظيره قوله تعالى لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أى شرفكم وانّه لذكر لك فان القرآن نزل بلغة قريش وجعل اللّه الناس تبعا لقريش وانحصر الامامة فيهم فَهُمْ
عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ (٧١) لا يلتفتون إليه ولا يريدون الشرف -.
أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً يعنى اجرا على هدايتهم والرسالة إليهم عطف على قوله أَمْ بِهِ جِنَّةٌ وفيه التفات من الغيبة إلى الخطاب
_________
(١) سهو من المفسر العلام رحمه اللّه تعالى لأن الآية المذكورة انما هى في سورة الأنبياء - الفقير الدهلوي.