ج ٦، ص : ٣٩٦
بالسيف والأبناء بالجوع فادع اللّه يكشف عنا هذا القحط فدعى فكشف عنهم فانزل اللّه تعالى هذه الآية وهذه القصة تدل على ان اللّه تعالى كشف عنهم عذاب الجوع بدعاء النبي صلى اللّه عليه وسلم فما وجه التوفيق قلت الآية انما دلت على نفى المرحمة وكشف العذاب في الزمان الماضي لعلمه تعالى بلجاجهم عند الكشف أيضا ولا تدل على انه لا يكشف عنهم في المستقبل لامر حادث فاللّه سبحانه كشف عنهم العذاب لامر معترض وهو دعاء النبي صلى اللّه عليه وسلم لكنهم لم يتضرعوا ولجوا في طغيانهم يعمهون ولم يستكينوا - « ١ ».
حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ كلمة حتى ابتدائية والمراد بالعذاب هاهنا عذاب الجوع ان كان المراد بالعذاب في قوله حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ القتل والاسر يوم بدر كما قاله ابن عباس فان الجوع أشد من الاسر والقتل يعنى إذا فتحنا عليهم بابا من عذاب الجوع إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (٧٧) متحيرون آيسون من كل خير حتى جاءك أعتاهم يستعطفك وان كان المراد بالعذاب فيما سبق عذاب الجوع كما قاله الضحاك فالمراد بالعذاب هاهنا الموت وعذاب القبر وقيل قيام الساعة وعذاب النار - فقوله فتحنا بمعنى المستقبل أورد صيغة الماضي لتيقن وقوعه كما في قوله إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ - والمعنى انا محنّاهم كل محنة من القتل والجوع فما استكانوا ولم يتضرعوا حتى إذا عذبوا بنار جهلم إذا هم مبلسون - كقوله تعالى يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ....
وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ لتحسوا بها الآيات المنصوبة وَالْأَفْئِدَةَ لتتفكروا في الآيات وتستدلوا بها إلى غير ذلك من المنافع الدينية والدنيوية قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ (٧٨) ما زائدة للتأكيد منصوب على المصدرية أو الظرفية يعنى تشكرون شكرا قليلا أو في زمان قليل لأن العمدة في شكرها استعمالها فيما خلقت لاجلها والإذعان لما نحها من غير
_________
(١) وفي الأصل لم يستكانوا - الفقير الدهلوي -