ج ٦، ص : ٤١٧
مسئلة - يضربه بسوط لا ثمرة له ضربا متوسطا روى ابن أبى شيبة ثنا عيسى بن يونس عن حنظلة السدوسي عن أنس بن مالك قال كان يؤمر بالسوط فيقطع ثمرته ثم يدق بين حجرين ثم يضرب به - قلنا له في زمن من كان هذا قال في زمن عمر بن الخطاب - وروى عبد الرزاق عن يحيى بن أبى كثير ان رجلا اتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال يا رسول اللّه انى أصبت حدّا فاقمه علىّ فدعا عليه السّلام بسوط فأتى بسوط شديد له ثمرة فقال سوط دون هذا فاتى بسوط مكسورلين فقال سوط فوق هذا فاتى بسوط بين سوطين - فقال هذا فامر به فجلد - وروى ابن أبى شيبة عن زيد بن اسلم نحوه وذكره مالك في المؤطا مِائَةَ جَلْدَةٍ منصوب على المصدرية قدّم الزانية في هذه الآية على الزاني لأن الزنى في الأغلب يكون بتعريضها للرجل وعرض نفسها عليه بخلاف السرقة فانها تقع غالبا من الرجال ولذلك قدم السارق على السارقة في قوله تعالى وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما - (مسئلة) اجمع علماء الامة على ان الزانية والزاني إذا كانا حرين عاقلين بالغين غير محصنين فحدهما ان يجلد كل واحد منهما مائة جلدة بحكم هذه الآية ولا يزاد على ذلك عند أبى حنيفة رحمه اللّه - وقال الشافعي واحمد يجب عليهما أيضا تغريب عام إلى مسافة قصر فما فوقها ولو كان الطريق أمنا ففى تغريب المرأة بلا محرم قولان وفي المنهاج انه لا تغرب المرأة وحدها في الأصح بل مع زوج أو محرم ولو بأجر وأجرته عليها في قول وفي بيت المال في قول فان امتنع بأجرة ففى قول يجبره الامام - وفي المنهاج انه لا يجبر في الأصح وقال مالك يجب تغريب الزاني دون الزانية - احتج الشافعي بحديث عبادة بن الصامت ان النبي صلى اللّه عليه وسلم قال خذوا عنى خذوا عنى قد جعل اللّه لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم - وقد مر الحديث في سورة النساء في تفسير قوله تعالى التفسير المظهري، ج
٦، ص : ٤١٨
فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا - وحديث زيد بن خالد قال سمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم يأمر فيمن زنى ولم يحصن جلد مائة وتعزيب عام - رواه البخاري وفي الصحيحين حديث زيد بن خالد وابى هريرة ان رجلين اختصما إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال أحدهما اقض بيننا بكتاب اللّه وائذن لى ان أتكلم قال تكلم قال ان ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامراته فاخبرونى ان على ابني الرجم فافتديت بمائة شاة وبجارية لى ثم انى سالت أهل العلم فاخبرونى ان على ابني جلد مائة وتغريب عام وانما الرجم على امرأته - فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم اما والّذي نفسى بيده لاقضين بينكما بكتاب اللّه اما غنمك وجاريتك وفرد عليك واما ابنك فعليه جلد مائة وتغريب عام واما أنت يا أنيس فاعد على امراة هذا فان اعترفت فارجمها فاعترفت فرجمها - قال مالك البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام غير شامل للنساء فلا يثبت التعزيب في النساء وهذا ليس بشيء فان سياق الحديث في النساء حيث قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خذوا عنى قد جعل اللّه لهن سبيلا الحديث - وعدم شمول البكر المرأة ممنوع كيف وقد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم البكر تستأذن - وكلمة من زنى في حديث زيد عام في الذكر والأنثى لكن الوجه الصحيح لقول مالك ان النبي صلى اللّه عليه وسلم قال لا تسافر المرأة الا مع ذى محرم - رواه الشيخان في الصحيحين واحمد وأبو داود عن ابن عمر وفي الصحيحين وعند أحمد عن ابن عباس نحوه وروى أبو داود والحاكم في المستدرك عن أبى هريرة نحوه و
لاجل ذلك خص مالك حكم التغريب بالرجال دون النساء - وجعل الشافعي المحرم شرطا للتغريب - وقال الطحاوي ان تغريب النساء لما بطل لاجل نهيهن عن المسافرة بغير محرم انتفى ذلك عن الرجال أيضا - واستدل الطحاوي على عدم التعزيب


الصفحة التالية
Icon