ج ٦، ص : ٤٣٦
عنده مرّة فرده ثم جاء فاعترف عنده الثانية فرده - ثم جاء فاعترف عنده الثالثة فرده - فقلت له ان اعترفت الرابعة رجمك قال فاعترف الرابعة فجلسه ثم سال عنه فقال لا نعلم الا خيرا فرجم - هذا الحديث أيضا صريح في تعدد المجيء وهو يستلزم غيبته كل مرة ومن هاهنا قالت الحنفية إذا تغيب ثم عاد فهو مجلس اخر - وروى ابن حبان في صحيحه من حديث أبى هريرة قال جاء ماعز بن مالك إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال انّ الأبعد زنى « ١ » فقال له ويلك ولا يدريك ما الزنى فامر به قطرد وأخرج ثم أتاه الثانية فقال مثل ذلك فامر به فطرد وأخرج ثم أتاه الثالثة فقال مثل ذلك فامر به فطرد وأخرج ثم أتاه الرابعة فقال مثل ذلك فقال ادخلت وأخرجت فقال نعم فامر به ان يرجم - فهذه وغيرها مما يطول ذكره ظاهر في تعدد المجالس فوجب ان يحمل الحديث الأول عليها وان قوله فتنحى تلقاء وجهه معدود مع قوله الأول إقرارا واحدا لأنه في مجلس واحد وقوله حين بين ذلك اربع مرات أى في اربعة مجالس لأنه لا ينافى ذلك وقال مالك والشافعي وأبو ثور والحسن وحماد بن أبى سليمان انه يثبت الزنى بإقراره مرة لقوله صلى اللّه عليه وسلم في حديث زيد بن خالد وابى هريرة في قصة العسيف اغد يا أنيس إلى امراة هذا فان اعترفت فارجمها فغدا عليها فاعترفت فرجمها قالوا وليس في قصة الامرأة الغامدية الا ذكر الإقرار مرة - قلنا قوله ان اعترفت فارجمها معناه ان اعترفت اعترافا مقبولا في حد الزنى - وانما اقتصر النبي صلى اللّه عليه وسلم على قوله ان اعترفت لعلمه بان الصحابة كانوا يعلمون لقصة ما عز وغيره ان الإقرار المعتبر في الزنى انما هو اربع اقرارات في اربعة مجالس - وقولهم ليس في قصة الغامدية الا ذكر الإقرار فممنوع بل
_________
(١) وفي مجمع البحار ص ١٠٣ ان الأبعد قد زنى أى المتباعد عن الخير والعصمة بعد بالكسر فهو باعد أى هلك والبعد الهلاك والأبعد الخائن أيضا انتهى والحاصل ان سيدنا ما عزا رضى اللّه عنه عنى بقوله ان الأبعد زنى نفسه أى انا الّذي تباعد عن الخير والعصمة إلخ - الفقير الدهلوي.


الصفحة التالية
Icon