ج ٦، ص : ٤٧٦
الى الغيبة مبالغة في التوبيخ واشعارا بان الايمان يقتضى حسن الظن بالمؤمنين والكف عن الطعن فيهم وذب الطاعنين عنهم كما يذبون عن أنفسهم - وانما جاز الفصل بين لو لا وفعله بالظرف لأنه نازل منزلته من حيث انه لا ينفك عنه ولذلك يتسع فيه ما لا يتسع في غيره - وانما قدم الظرف لأن ذكر الظرف أهم فان التخصيص على ان لا يخلوا باوله وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ (١٢) كما يقول المستيقن المطلع على الحال لأن الايمان سبب للمدح والتعظيم - فمن اتى بالسبّ والطعن فقد افك الأمر وقلّبه وصار عاصيا فاسقا بالافتراء أو الغيبة وشهادة الفاسق غير مقبولة - (مسئلة) من لههنا يظهران حسن الظن بالمؤمنين واجب لا يجوز تركه ما لم يظهر بدليل شرعى خلاف ذلك.
لَوْ لا هلا جاؤُ عَلَيْهِ أى على ما زعموا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ حتى يجب الحد على المقذوف فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ الاربعة فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ (١٣) فى ادعائهم الحسبة فان من رمى أحدا بالفاحشة فان اتى بالشهداء (حتى حد المقذوف) يحتمل كون إرادته بالرمي الزجر عن المعاصي وان لم يأت بالشهداء فلا وجه لقذفه الا اشاعة الفاحشة على المسلم دون اقامة حد شرعى فهو كاذب في دعواه الحسبة - وقيل معنى الآية فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ أى في حكمه وشريعته كاذبون حتى أوجب عليهم حد القذف فعلى هذا الظرف متعلق بمضمون قوله تعالى أُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ والمعنى فاذ لم يأتوا باربعة شهداء يقام عليهم الحد لكونهم من الكاذبين حكما - قال البغوي روى عن عائشة انه لما نزلت هذه الآيات حدّ النبي صلى اللّه عليه وسلم اربعة نفر عبد اللّه بن أبيّ وحسان بن ثابت ومسطح بن اثاثة وحمنة بنت جحش.


الصفحة التالية
Icon