ج ٦، ص : ٤٨٣
يوم القيامة فيعرض عليه ربّه عمله فيما بينه وبينه فيعترف ويقول أى رب عملت عملت فيغفر اللّه ذنوبه ويستره منها قال فما على الأرض خليقة يرى من تلك الذنوب شيئا وتبدوا حسناته فرووا الناس كلهم يرونها - ويدعى الكافر والمنافق للحساب فيعرض عليه ربّه عمله فيجحده فيقول أى رب وعزتك لقد كتب علىّ هذا الملك ما لم اعمل فيقول الملك اما عملت كذا في يوم كذا في مكان كذا فيقول لا وعزتك فإذا فعل ذلك ختم على فيه قال أبو موسى فانى احسب أول ما ينطق منه فخذه اليمنى ثم تلا اليوم نختم على أفواههم الآية وأخرج أبو يعلى والحاكم وصححه عن أبى سعيد الخدري عن النبي صلى اللّه عليه وسلم نحوه وأخرج أحمد بسند جيد والطبراني عن عقبة بن عامر سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول ان أول عظم من الإنسان يتكلم يوم يختم على الأفواه فخذه من الرجل الشمال - وأخرج أحمد والنسائي والحاكم وصححه والبيهقي عن معاوية بن جيدة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال يجيئون يوم القيامة على أفواههم الفدام فاول ما يتكلم من الآدمي فخذه وكفه - وروى مسلم عن أبى هريرة حديثا طويلا في روية اللّه « ١ » سبحانه وفيه فينطق فخذه ولحمه وعظمه بعمله وذلك المنافق الّذي يسخط اللّه عليه - فان قيل قال اللّه سبحانه هاهنا تشهد عليهم ألسنتهم وقال في موضع اخر الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ فما وجه التطبيق قلنا المراد بقوله نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ انهم لا ينطقون بإرادتهم وذلك لا ينافى شهادة الالسنة عليهم من غير اختيارهم واللّه اعلم - قال القرطبي وانما يشهد الأعضاء على من قرأ كتابه ولم يعترف بما فيه وجحد وخاصم فيشهد عليه جوارحه بسيئاته - قلت فهذه الآية تدل على ان ما سبق من الآية في عبد اللّه بن أبيّ كما قال قتادة واللّه اعلم
_________
(١) وقد راجعت الصحيح لمسلم ولم أحده في باب روية اللّه سبحانه وتعالى والحديث المذكور في كتاب الزهد في فصل في بيان ان الأعضاء منطقة شاهدة يوم القيامة في المجلد الثاني من الصحيح لمسلم رحمة اللّه تعالى - الفقير الدهلوي.