ج ٦، ص : ٥٠٩
وعد منها النكاح - وقد كان آدم ونوح وابراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف وموسى وهارون وأيوب وداود وسليمان وزكريا كلهم كانوا متزوجين وكانوا أفضل من يحيى عليه السّلام فلعل يحيى عليه السلام راى التزوج في حقه مخلّا ببعض امور أفضل منه وأيضا كون الرهبانية مشروعة في دين عيسى ويحيى ومنسوخة في ديننا ممنوع
بل الرهبانية الّتي كانت النصارى تفعلها كانت مبتدعة حيث قال اللّه تعالى وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها - وما ورد في الأحاديث ان النبي صلى اللّه عليه وسلم نهى عن التبتل وعن الرهبانية فليس المراد منه انه صلى اللّه عليه وسلم نهى عن التخلي للذكر والانقطاع عن الخلق إلى اللّه تعالى كيف وقد قال اللّه تعالى وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خير مال المسلم الغنم يتبعها شعف الجبال يفر بدينه عن الفتن - رواه البخاري بل المراد انه صلى اللّه عليه وسلم نهى عن ترك الأمور المباحة الّتي لا مثوبة عند اللّه في تركها كالنكاح والنوم على الفراش وأكل اللحم والكلام مع الناس كما كانت الرهبان من النصارى تفعلها قال اللّه تعالى قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ فالممنوع هو الرهبانية المبتدعة دون الرهبانية المشروعة وقد وقع في الحديث في مدح اصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم انهم رهبان بالليل ليوث بالنهار واللّه اعلم -
فائدة
قال البغوي تائيد المذهب الشافعي ان في الآية دليلا على ان تزويج النساء الأيامى إلى الأولياء - لأن اللّه تعالى خاطبهم به كما ان تزويج العبيد والإماء إلى السادة لقوله تعالى وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ - أراد البغوي ان الآية تدل على انه لا يجوز نكاح الحرة العاقلة البالغة بعبارتها من غير ولى وقد ذكرنا هذه المسألة واختلاف العلماء فيها وأدلتهم في سورة البقرة في تفسير قوله تعالى فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ - والاستدلال بهذه الآية في هذه المسألة لا يصح لأن الايم يعم الرجل والمرأة الصغيرين والكبيرين والبكر


الصفحة التالية
Icon