ج ٦، ص : ٥٢٢
ظاهر لذاته مظهر لغيره واصل الظهور الوجود كما ان اصل الخفاء العدم واللّه سبحانه موجود بذاته موجد لكل ما عداه - أو الّذي به يدرك أو يدرك أهلها من حيث انه يطلق على الباصرة لتعلقها به أو لمشاركتها له في توقف الإدراك عليه - ثم على البصيرة لانها افوق إدراكا فانها يدرك نفسها وغيرها من الكليات والجزئيات الموجودة والمعدومة وتغوص في بواطنها ويتصرف فيها بالتركيب والتحليل - ثم ان هذه الإدراكات لبست لا هلها لذواتها ولا لما فارقتها فهى اذن من سبب يفيضها عليه - وهو اللّه سبحانه ابتداء أو بتوسط من الملائكة والأنبياء ولذلك سموا أنوارا ويقرب من هذا القول ما ذكر البغوي من قول ابن عباس ان معناه هادى أهل السموات والأرض فهم بنوره يعنى بهدايته إلى الحق يهتدون وبهداه من حيرة الضلالة ينجون فاضافته إليهما للدلالة على سعة اشراقه - أو لاشتمالها على الأنوار الحسية والعقلية وقصور الإدراكات البشرية عليها وعلى المتعلق والمدلول بهما - مَثَلُ نُورِهِ أى صفة نور اللّه في قلب المؤمن الّذي يهتدى به إلى ذاته تعالى وصفاته وتصديق ما قال مما لا يستبد في إدراكه عقول الفحول ويرى به الحق حقّا والباطل باطلا قال اللّه تعالى فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ قال البغوي كان ابن مسعود يقرا مثل نوره في قلب المؤمن - وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس مثل نوره الّذى اعطى المؤمن - وقال بعضهم الضمير عائد إلى المؤمن وكان أبى يقرأ مثل نور قلب من أمن وهو عبد جعل اللّه الايمان والقران في صدره - وقال الحسن وزيد بن اسلم أراد بالنور القرآن - وقال سعيد بن جبير والضحاك هو محمد صلى اللّه عليه وسلم - وقيل أراد بالنور الطاعة سمى طاعة اللّه نورا وأضاف هذه الأنوار إلى نفسه كَمِشْكاةٍ وهى الكوة الّتي لا منفذ لها فان كان لها منفذ فهى الكوة - قيل هى حبشية وقال مجاهد هى القنديل والمضاف مقدر والمعنى مثل نوره كمثل نور مشكوة