ج ٧، ص : ١١٣
إِنِّي أُلْقِيَ قرأ نافع « و أبو جعفر - أبو محمد » بفتح الياء والباقون بإسكانها إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ قال عطاء والضحاك سمته كريما لأنه كان مختوما قال رسول الله ﷺ كرامة الكتاب ختمه رواه الطبراني بسند ضعيف عن ابن عباس وأخرج ابن مردوية فى القى الىّ كتاب كريم قال مختوم وروى عن ابن جريح كريم أى حسن وهو اختيار الزجاج وروى عن ابن عباس كريم أى شريف لشرف صاحبه قيل سمته كريما لغرابة شانه إذ كانت مستلقية فى بيت مغلقة الأبواب فدخل الهدهد من كوة وألقاه على نحرها بحيث لم تشعر به وقيل سمته كريما لكونه مصدرا ببسم الله الرحمان الرحيم ثم بينت ممن الكتاب فقالت.
إِنَّهُ أى الكتاب أو العنوان مِنْ سُلَيْمانَ ثم بينت ما فيها فقالت وَإِنَّهُ أى المكتوب أو المضمون

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ ان مفسرة أو مصدرية وهو لصلته خبر محذوف أى هو أو المقصود ان لا تعلوا أو بدل من كتاب والمعنى لا تتكبروا ولا تمتنعوا من الاجابة فان ترك الاجابة من العلو والتكبر وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ مؤمنين أو منقادين وهذا كلام فى غاية الوجازة مع كمال الدلالة على المقصود لاشتماله على البسملة الدلالة على ذات الصانع وصفاته صريحا والتزاما والنهى عن الترفع الذي هى أم الرذائل والأمر بالإسلام الجامع لامهات الفضائل وليس فيه الأمر بالانقياد قبل اقامة الحجة على رسالته حتى يكون استدعاء للتقليد فان إلقاء الكتاب إليها على تلك الحالة من أعظم الدلائل..
قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي أى أشيروا الىّ فيما عرض لى واجيبونى فيما أشاوركم فيه والفتيا والفتوى الجواب عما يشكل من الاحكام ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً أى حاكمة بامر حكما قطعيّا يقطع اختيار المحكوم عليه حَتَّى تَشْهَدُونِ أى حتى تحضروني وتشيرونى أو تشهدوا على كونه صوابا جملة قالت مع ما فى حيزها بدل اشتمال من قالت السابقة.
قالُوا مجيبين لها نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ فى القتال وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ ٥ عند الحرب قال مقاتل أرادوا بالقوة كثرة العدد وبالبأس شدة الشجاعة. لما ان الاستشار منها دائرا بين الصلح والقتال وكان القتال أصعب الامرين أجابوا بامتثال أمرها فى
قالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذ
سليمان من
م وان هذه الكرامة كانت بسببه والخطاب فى أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ للعفريت كأنَّه أراد اظهار معجزة فنحدّاهم اولا فلمّا قال عفريت ما قال استبطأه فقال له ذلك وأراد به انه يتاتى له ما لا يتهيا لعفاريت عن الحسن فضلا عن غيرهم والمراد بالكتاب جنس الكتب المنزلة أو اللوح واتيك فى الموضعين صالح للفعلية والاسمية والطرف تحريك الأجفان للنظر ولمّا كان الناظر يوصف بإرسال الطرف وصف بردّ الطرف والطرف بالارتداد والمعنى انك ترسل طرفك نحو شىء فقيل ان ترده احضر عرشها وهذا غاية الاسراع ومثّل فيه.
فَلَمَّا رَآهُ سليمان معطوف على محذوف تقديره فامره سليمان بالإتيان بالسرير فدعا باسم الله الأعظم فمال عرشها تحت الأرض فنبع عند سرير سليمان فلما راه مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ شكرا للنعمة كما هو دأب المخلصين من عباد الله هذا أى التمكن من إحضار العرش فى مدة ارتداد الطرف من مسيرة شهرين بنفسه أو غيره مِنْ فَضْلِ رَبِّي أى بعض افضاله علىّ لِيَبْلُوَنِي قرأ نافع « و أبو جعفر - أبو محمّد » بفتح الياء والباقون بإسكانها أى فضل علىّ لاجل ابتلائى أَأَشْكُرُ نعمة فاراه فضلا من الله من غير حول منى ولا قوة وأقوم بحقه أَمْ أَكْفُرُ بان أجد نفسى أهلا لها أو اقصر فى أداء موجبه ومحلهما النصب على البدل من الضمير المنصوب فى ليبلونى وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ لأنه به يستحب دوام النعمة ومزيدها فان الشكر قيد النعمة الموجودة وصيد النعمة المفقودة وبه يفرغ ذمته عن الواجب ويرتفع درجته عند الله تعالى ويستحق اجرا فى دار الجزاء قال رسول الله ﷺ الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر - رواه أحمد والترمذي وابن ماجة والحاكم بسند صحيح عن أبى هريرة ورواه أحمد وابن ماجة بسند صحيح عن سنان بن سنة بلفظ الطاعم الشاكر له مثل اجر الصائم الصابر وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ عن شكره كَرِيمٌ ينعم على الشاكر والكافر جواب الشرط محذوف أقيم دليله مقامه تقديره ومن كفر فلا يضر ربى لأنه غنى كريم.
قالَ سليمان نَكِّرُوا لَها أى لبلقيس عَرْشَها يعنى اجعلوها بحيث لا تعرفها إذا رأت روى


الصفحة التالية
Icon