ج ٧، ص : ١٥٠
لاجلكم صفة لاهل بيت وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ أى لا يقصرون فى ارضاعه وتربيته والنصح ضد الغش وهو تصفية العمل عن شوب الفساد حال من فاعل يكفلونه قال ابن جريح والسدىّ لمّا قالت اخت موسى وهم له ناصحون أخذوها وقالوا انّك قد عرفت هذا الغلام فدلينا على اهله قالت ما أعرفه وقلت وهم للملك ناصحون كذا أخرج ابن جرير وابن أبى حاتم عن السدى وقيل انها قالت انما قلت هذا وغبة فى سرور الملك واتصالنا به وقيل انها لمّا قالت هل أدلكم على أهل بيت قالوا لها من قالت لامى قالوا لامك ابن قالت نعم هارون (و كان هارون ولد فى سنة لا يقتل فيها الوالدان) قالوا صدقت فأتينا به فانطلقت إلى أمها فاخبرتها بحال ابنها وجاءت بها إليهم فلمّا وجد موسى ريح امه قبل ثديها وجعل يمصه حتى امتلأ جنباه قال السدىّ كانوا يعطونها اجرة كل يوم دينارا قيل انما أخذتها لانها كانت مال حربى وذلك قوله عزّ وجلّ.
فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ عطف على جمل محذوفة معطوفة بعضها على بعض معطوفة على فقالت هل ادلّكم تقديره فقالوا دلّنى فدلت على أمها فقالوا اتى بها فانطلقت فانت بها فوضعوه فى حجرها فارضعته فرضعته فسلموه إليها للارضاع فرددناه إلى امه كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها برد موسى إليها وَلا تَحْزَنَ لفراقه عطف على تقرّ وَلِتَعْلَمَ أم موسى عطف على لا تخزن أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ برده إليها حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ أى اكثر الناس لا يَعْلَمُونَ ان وعد الله حق ولو علموا ذلك لما ارتكبوا منهيات الله خوفا من وعيده وما تركوا أوامره طمعا فى وعده وفيه تعريض على أم موسى لما فرط منها حين جزعت على تأويل أصبح فؤاد امّ موسى فارغا بمعنى خاليا من الصبر وقيل يعنى لا يعلمون بهذا الوعد ولا بان هذه أخته وهذه امه فمكث عندها إلى ان فطمته فاتت به إلى فرعون فتربى عنده كما قال اللّه تعالى حكاية عنه فى سورة الشعراء أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً -.
وَلَمَّا بَلَغَ موسى أَشُدَّهُ جمع شدة بمعنى القوة كالنعم جمع نعمة يعنى مبلغه الذي لا يزيد إليه نشوه قال الكلبي الأشد ما بين ثمانى عشرة سنة إلى ثلاثين سنة وقال مجاهد وغيره ثلاث وثلاثون سنة وَاسْتَوى عقله أى بلغ أربعين سنة كذا روى سعيد بن جبير عن ابن عباس وقيل استوى أى انتهى شبابه آتَيْناهُ حُكْماً أى النبوة وَعِلْماً أى معرفة بالله وباحكامه قيل ليس المراد به الاستنباء لأنه يكون بعد الهجرة فى المراجعة من هذين بل المراد به الفقه والعلم بالشرائع قلت العطف بالواو للجمع المطلق لا دليل فيه على الترتيب فالاستنباء وان كان بعد الهجرة لكن ذكره هاهنا لبيان انجاز الوعد بتمامه حيث قال إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ وَكَذلِكَ صفة المصدر محذوف


الصفحة التالية
Icon