ج ٧، ص : ١٥٤
فقال لك أى انصح لك واللام فيه لتقوية عمل فعل محذوف.
فَخَرَجَ موسى مِنْها من تلك القرية خائِفاً على نفسه يَتَرَقَّبُ أى ينتظر الطالب من خلفه وقيل يترقب النصر من ربه فان قيل هذه الآية تدل على جواز الخوف للانبياء من غير اللّه سبحانه وقد قال اللّه تعالى فيهم وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ فما التوفيق قلنا الخوف على نفسه من مقتضيات الطبعية لا ينافى النبوة والمراد بقوله تعالى لا يخشون أحدا الّا اللّه انّهم لا يبالون فى إتيان أوامره تعالى والانتهاء عن مناهيه لحوق مضرة بهم من أحد سوى اللّه تعالى بخلاف سائر الناس فانهم يخشون النّاس كخشية اللّه أو أشدّ خشية وإذا أوذي فى اللّه جعل فتنة النّاس كعذاب اللّه قالَ موسى استيناف أو حال بتقدير قد من فاعل خرج رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ أى الكافرين يعنى خلصنى منهم واحفظني من لحوقهم وفى القصة ان فرعون بعث فى طلبه حين أخبر بهربه فقال اركبوا بينات الطريق فانه لا يعرف كيف الطريق -.
وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قال الزجاج أى سلك الطريق التي يلقى فيها مدين وهى قرية سميت باسم مدين بن ابراهيم عليه السلام وكان موسى قد خرج بلا ظهر وبلا زاد وكان مدين على مسافة ثمانية ايام من مصر ولم يكن فى سلطنة فرعون ولمّا ظرف فيه معنى الشرط متعلق بقوله قالَ يعنى موسى توكلا على اللّه وحسن ظن به عَسى رَبِّي قرأ نافع « و أبو جعفر - أبو محمد » وابن كثير وأبو عمرو بالفتح والباقون بالإسكان أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ والجملة معطوفة على قال ربّ نجّنى واضافة سواء إلى السبيل اضافة صفة إلى موصوفه والمعنى ان يهدينى السبيل السوي الّذى لا زحمة فيه ولم يكن موسى يعرف الطريق إليها فلما قال هذا جاءه ملك بيده عنزة فانطلق به قال المفسرون خرج موسى من مصر ولم يكن معه الأورق الأشجار والبقل حتى يرى خضرته فى بطنه وما وصل إلى مدين حتى وقع خف قدميه. قال ابن عباس رض هو أول ابتلاء من اللّه لموسى عليه السّلام..
وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ أى وصل إليه وهو بئر كانوا يسقون منها مواشيهم وَجَدَ عَلَيْهِ أى على الماء يعنى جانب البئر أُمَّةً أى جماعة كثيرة مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ مواشيهم وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ أى فى مكان أسفل من مكانهم امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ