ج ٧، ص : ١٦٧
بَصائِرَ لِلنَّاسِ حال من الكتاب أى حال كونه موجبا للبصائر جمع بصيرة وهى نور فى القلوب يبصر به قلوبهم حقائق الأشياء من الواجب والممكن على ما هى عليه بقدر الطاقة البشرية ويميز الحق من الباطل والرشد من الغى وَهُدىً يهتدوا به إلى طريق النجاة وما فيه صلاح المعاش والمعاد وَرَحْمَةً أى حال كون الكتاب سبيلا لنيل رحمة اللّه ان جعلوا بها أو حال كونه مقتضى لرحمة اللّه الازلية عليهم لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ أى لكى يتذكروا أو يكونوا على حال يرجى منهم التذكر فان التذكر والخشية من ثمرات العلم إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ -.
وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ من مقام موسى وهو الطور قال قتادة والسدى أى بجانب الجبل الغربي وقال الكلبي بجانب الوادي الغربي عنوا انه ليس من باب اضافة الصفة إلى الموصوف بل الموصوف محذوف قال ابن عباس يريد حيث ناجى موسى ربه والخطاب لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعنى ما كنت يا محمد حاضرا إِذْ قَضَيْنا أى أوحينا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ بالرسالة إلى فرعون وقومه وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ للوحى إليه أو على الوحى إليه وهم السبعون الذين اختاره من قومه لميقات ربه - يعنى اخبارك بقصة موسى اخبار بالغيب لا يمكن الاطلاع عليه الا بالوحى فهو معجزة لك وبرهان على دعواك النبوة ولذلك استدرك بقوله.
وَلكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً أى رجالا مقارنين فى كل عصر أو أهل قرون بحذف المضاف ان كان القرن بمعنى الزمان فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ يعنى ولكنا أوحينا إليك لبعد الفترة واندراس العلوم وتغير الشرائع والاضطراب والتعارض فى الاخبار لما انا انشأنا قرونا مختلفة بعد موسى فتطاولت عليهم المدد ووقع التكاذب والتخالف فيما بينهم فحذف المستدرك وأقيم سببه مقامه - وقال البغوي ان اللّه قد عهد إلى موسى وقومه عهودا فى محمّد ﷺ والايمان به فلما طال عليهم العمر وخلقت القرون بعد القرون نسوا تلك العهود وتركوا الوفاء بها فمعنى الآية ما كنت حاضرا حين عهدنا إلى موسى فى أمرك ولم يكن ذلك باستدعائك ولكنا فعلنا ذلك تفضلا ابتدائيّا حسما لاعتذار من خالفك إذا نشأنا قرونا فتطاول عليهم نظيره قوله تعالى وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ إلى قوله أَنْ تَقُولُوا... إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ وَما كُنْتَ


الصفحة التالية
Icon