ج ٧، ص : ١٧٤
اخرج ابن جرير من طريق العوفى عن ابن عباس ان أناسا من قريش قالوا للنبى صلى اللّه عليه وسلم ان نتبعك يتخطفنا الناس فانزل اللّه.
وَقالُوا يعنى أهل مكه عطف على قالُوا لَوْ لا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى وما بينها اعتراضات إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا قال البغوي نزلت فى الحارث بن عثمان بن نوفل بن عبد مناف انه قال للنبى صلى اللّه عليه وسلم انا لنعلم ان الّذى تقول حق ولكنا ان اتبعناك خفنا ان تخرجنا العرب من ارض مكة وهو معنى قوله نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا - كذا أخرج النسائي وابن المنذر عن ابن عباس وأخرج النسائي عن ابن عباس ان الحارث بن عامر بن نوفل الّذى قال ذلك والاختطاف الانتزاع بسرعة فرد الله عليهم ذلك وقال أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ الاستفهام للانكار والواو للعطف على محذوف تقديره الم نسكنهم بمكة ولم نمكّن لّهم حَرَماً آمِناً وذلك ان العرب فى الجاهلية كان يغير بعضهم على بعض ويقتل بعضهم بعضا وكان أهل مكة امنون حيث كانوا لحرمة الحرم ومن المعروف انه كان يأمن فيه الظباء من الدّياب والحمام من الحداة يُجْبى إِلَيْهِ قرأ نافع ويعقوب « و أبو جعفر أبو محمد » بالتاء الفوقانية لاجل الثمرات والباقون بالياء التحتانية للحائل بين الاسم المؤنث والفعل ولان التأنيث غير حقيقى أى يجلب ويجمع إليه ثَمَراتُ كُلِّ شَيْ ءٍ من كل جانب رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا فإذا كان هذا حالهم وهم عبدة الا يوثان فكيف يعرضهم للتخويف والتخطف إذا ضموا إلى حرمة البيت حرمة التوحيد وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ جهلة لا يَعْلَمُونَ لا يتفطنون له ولا يتفكرون ليعلموا وقيل انه متعلق بقوله مِنْ لَدُنَّا أى قليل منهم يتدبرون فيعلمون ان ذلك رزق من عند اللّه إذ لو علموا لما خافوا غيره وانتصاب رزقا على المصدر من معنى يجبى فان معناه يرزق رزقا أو على الحال من الثمرات لتخصيصها بالاضافة ثم بيّن ان الأمر بالعكس فان الواجب ان يخافوا من بأس اللّه على ما هو عليه من الكفر والمعاصي بقوله.
وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ أى من أهل قرية كانت حالهم كحالكم بَطِرَتْ أى أشرت وطغت وصفت القرية بوصف أهلها يعنى طغى أهلها بنعم اللّه ولم يشكروها قال عطاء عاشوا فى البطر فاكلوا رزق اللّه وعصوه وعبدوا الأصنام مَعِيشَتَها منصوب على الظرفية يعنى طغت مدة معيشتها فدمّر اللّه وخرّب ديارهم فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ خربة وهى حجر وقرى قوم لوط تعليل لما سبق من إهلاك القرى لَمْ تُسْكَنْ حال من مساكنهم والعامل