ج ٧، ص : ١٧٧
يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ
عطف على الأول فانه تعالى يسئلهم اولا سوال توبيخ عن اشراكهم وثانيا عن تكذيبهم الرسل.
فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ أى فصارت الانباء عليهم كالعميان لا يهتدى إليهم وأصله فعموا عن الألباء ا لكنه عكس مبالغة ودلالة على ان ما يحضر الدهر انما يغيض ويرد عليه من خارج فإذا أخطأه لم يكن حيلة إلى استحضاره والمراد بالانباء الاعذار فى تكذيب الرسل وقال مجاهد الحجج والمعنى انهم لا يجيبون بشئ ولا يأتون بحجة أم لم يكن عندهم حجة يَوْمَئِذٍ تأكيد لقوله يَوْمَ يُنادِيهِمْ قال البيضاوي وإذا كانت الرسل ينتعنون فى الجواب عن مثل ذلك من الهول ويفوضون إلى علم اللّه تعالى فما ظنك بالكفار وتعدية الفعل بعلى لتضمنه معنى الخفاء فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ أى لا يسئل بعضهم بعضا عن الجواب لفرط الدهشة أو العلم بانه مثله.
فَأَمَّا مَنْ تابَ من الشرك وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً أى جمع بين الايمان والعمل الصالح فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ عند اللّه وعسى تحقيق على عادة الكرام أو ترجى من النائب والمعنى فليتوقع للفلاح..
وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ من يشاء لما يشاء فاختار محمدا صلى اللّه عليه وسلم للنبوة من بين سائر الناس قال البغوي نزلت جوابا للمشركين حين قالوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ يعنون الوليد بن المغيرة وعروة بن مسعود الثقفي ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ الخيرة اسم من الاختيار قائم مقام المصدر ويطلق بمعنى المفعول أيضا يقال محمد خيرة اللّه من خلقه ومعنى الآية ليس للعباد الاختيار فى ذلك حتى يقولوا لو لا أرسل إلينا فلان فهذا بمنزلة التأكيد نما سبق ولذلك خلا من العاطف ويؤيده سياق القصة انها نزلت جوابا لما قال المشركون ويناسبه قوله تعالى سُبْحانَ اللَّهِ أى تنزيها له ان ينازعه أحدا ويزاحم اختياره اختيار غيره وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ أى عن اشراكهم أو مشاركة ما يشركونه به وقيل ما فى قوله ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ موصولة فى محل النصب على المفعولية ليختار والعائد محذوف والمعنى وربك يختار ما كان لهم أى للعباد فيه الخيرة أى الخير والصلاح يعنى كان إرسال محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم لهم خيرا دون إرسال غيره وعلى هذا التأويل مع ما فيه من التكلف لا حجة المعتزلة على وجوب الأصلح على اللّه تعالى بل المراد انه يفعل بفصلا ما هو خير لهم غالبا وقيل ما كان لهم الخيرة نفى لاختيار العباد رأسا ودليل على كون العباد مجبورين فى أفعالهم وهذا