ج ٧، ص : ١٩٧
كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ
على اختلاف الأجناس والأحوال ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ كان القياس ان يقول (فانظروا كيف بدا اللّه الخلق ثمّ ينشئ النّشاة الآخرة) فغيره على هذا النمط لأن المقصود اثبات جواز الاعادة - فلمّا قررهم فى الإبداء بانه من اللّه احتج بان الاعادة مثل الإبداء فمن كان قادرا على الإبداء لا يعجزه الاعادة فكانه قال ثم الذي أنشأ النشأة الاولى هو الذي ينشئ النّشاة الاخرة فللتنبيه على هذا المعنى ابرز اللّه اسمه وأوقعه مبتدا - قال بعض المحققين ثمّ ينشئ النّشاة الآخرة معطوف على محذوف مفهوم ممّا سبق تقديره قل سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ فقد أنشأ اللّه النشاة الاولى ثم اللّه الذي أنشأ النشاة الاولى ينشئ النشاة الاخرة.
قرأ ابن كثير وأبو عمرو النّشأة بفتح الشين ممدودا هاهنا وفى النجم والواقعة والباقون بإسكان الشين من غير الف ووقف حمزة على وجهين فى ذلك أحدهما ان يلقى الحركة على الشين ثم يسقطها طردا للقياس والثاني ان يفتح الشين ويبدّل الهمزة الفا اتباعا للخط قال الداني ومثله قد يسمع من العرب إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ لأن قدرته مقتضى ونسبة ذاته إلى الممكنات بأسرها سواء فيقدر على النشاة الاخرى كقدرته على الاولى.
يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ تعذيبه فى الاخرة بالنار وفى الدنيا بالخذلان أو بالحرص أو بسوء الخلق أو بالاعراض عن اللّه أو اقتراف البدعة وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ رحمته بإدخال الجنة فى الآخرة وفى الدنيا بالتأييد والقناعة وحسن الخلق والإقبال على اللّه واتباع السنة وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ تردون.
وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ربكم عن ادراككم فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ ان فزرتم من قضائه بالتواري فى الأرض أو الهبوط فى مهاريها أو بالتحصن فى السّماء أو القلاع الذاهبة فيها وجاز ان يكون ولا فى السماء تقديره ولا من فى السّماء عطفا على اسم ما كقول حسان
فمن يهجو رسول اللّه منكم ويمدحه وينصره سواء
وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ يحرسكم عن بلاء يظهر فى الأرض أو ينزل من السماء ويدفعه عنكم -.
وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ بدلائل وحدانيته أو باياته المنزلة فى كتبه وَلِقائِهِ أى بالبعث أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي أى ييئسون منها يوم القيامة